q
دليلٌ صارخٌ على عدمِ امتلاكِ الحكومةِ لرُؤيةٍ إِقتصاديَّةٍ وماليَّةٍ واضحةِ المعالِم، تعملُ عليها لحمايةِ العُملةِ الوطنيَّةِ والحيلولةِ دونَ تعريضِها للهزَّاتِ التي تُؤَثِّر سِلباً على ثباتِ واستقرارِ السُّوق، وتالياً حِماية مصالح المُواطن وخاصَّةً الطَّبقة الفقيرة والمُستضعَفة التي تزيدُ نِسبتها عن النِّصف في المُجتمع حسبَ التَّصريحات الأَخيرة لوزيرِ العمَل...

كانَ رئيس مجلس الوُزراء السيِّد السُّوداني قد عزا أَحد أَسباب تدَهور سِعر صرف الدِّينار مُقابل الدولار إِلى إِفراط الحكومة السَّابقة في حجمِ المَزاد اليَومي للعُملةِ والذي قال أَنَّهُ وصلَ إِلى [٣٠٠] مليُون دولار في اليَوم الواحِد، مُضيفاً؛ العراق لا يحتاجُ إِلى هذا الحَجمِ من المبالغِ، فاستيراداتهِ لا تصل إِلى هذا المُستوى من الحاجةِ للعُملةِ الصَّعبةِ، إِلَّا إِذا كانَ يَستورد الهواء! مُفسِّراً؛ هذا يعني أَنَّ هُناكَ هدراً كبيراً للعُملةِ والذي يذهب إِلى جيوبِ الفاسدينَ بعمليَّة التَّهريب!.

وكانَ السُّوداني قد وعدنا بأَنَّ مبيعات حكومتهِ من العُملةِ الصَّعبةِ سوف لا تتجاوز الـ [٣٠] مليون دولار يومياً فقط لا غَير.

ولكن، ومنذُ تصريحهِ هذا قبل [١٠] أَيَّام ولحدِّ اليَوم لم يلتزم بوعدهِ أَبداً، إِنَّما ظلَّ الخط البياني لمبيعاتِ العُملةِ في تصاعُدٍ مُستمرٍّ يوميّاً حتَّى شهِدنا اليَوم صعُوداً صارُوخيّاً تجاوز [٣٠٥] مليُون دُولار!.

فأَين الخطأُ؟! في تقديراتِ السُّوداني؟! أَم في تفسيراتهِ؟! أَم في جهلهِ بالحاجةِ الحقيقيَّةِ للبلادِ من العُملةِ الأَجنبيَّةِ بسببِ حجمِ وارداتهِ؟! أَم أَنَّ الخطأ في السِّياسات الماليَّة للحكومةِ السَّابقة؟! أَم في رُؤية السُّوداني [ومُستشاريه] الماليَّة والإِقتصاديَّة؟! أَم أَنَّ العائِق الحقيقي في الدَّولة العميقة التي تُحرِّك الملف من وراءِ جُدُر؟!.

هل أَنَّ العراق يحتاجُ بالفعلِ إِلى هذا الحجمِ من العُملةِ الصَّعبةِ يوميّاً لتغطيةِ حاجات المُواطنين؟! فالسُّوداني، إِذن، على باطِل عندما ينتقِد الكاظمي؟! أَم ماذا؟!.

إِنَّهُ دليلٌ صارخٌ على عدمِ امتلاكِ الحكومةِ لرُؤيةٍ إِقتصاديَّةٍ وماليَّةٍ واضحةِ المعالِم، تعملُ عليها لحمايةِ العُملةِ الوطنيَّةِ والحيلولةِ دونَ تعريضِها للهزَّاتِ التي تُؤَثِّر سِلباً على ثباتِ واستقرارِ السُّوق، وتالياً حِماية مصالح المُواطن وخاصَّةً الطَّبقة الفقيرة والمُستضعَفة التي تزيدُ نِسبتها عن النِّصف في المُجتمع حسبَ التَّصريحات الأَخيرة لوزيرِ العمَل والشُّؤُون الإِجتماعيَّة الذي قال فيهِ أَنَّ [٥] مليُون أُسرة عراقيَّة بحاجةٍ إِلى أَن تشملها الدَّولة بالرِّعايةِ الإِجتماعيَّة!.

وهوَ دليلٌ صارِخٌ كذلكَ على أَنَّ كُلَّ ما ظلَّت تسوِّقهُ حكومة الإِطار منذُ تولِّيها المسؤُوليَّة ولحدِّ الآن من ذرائعَ وأَسباب قالت أَنَّها تقف وراءَ إِنهيار العُملة الوطنيَّة، لم تكُن دقيقة، فعلى الرَّغمِ، مثلاً، من إِعلان البنك المركزي عن نجاح مُفاوضاتهِ مع الفيدرالي الأَميركي ووِزارة الخزانة الأَميركيَّة، ومُصادقة الحكومة العراقيَّة على سعرِ الصَّرف الذي حدَّدهُ البنك المركزي الذي أَعلنَ مُؤَخَّراً عن إِلتزامات مُتبادَلة بينهُ وبين الفيدرالي الأَميركي، ومنها إِلتزام العراق بالنَّافذة الدَّوليَّة، والتزامهِ بمُكافحةِ تهريبِ العُملة وغسيل الأَموال وتمويلِ الإِرهاب، مع كُلِّ ذلكَ، مازال سِعر الصَّرف عالياً لم يتغيَّر عمَّا كانَ عليهِ الحال قبلَ تشكيلِ الحكومةِ الحاليَّةِ إِلَّا اللَّمَمِ، على الرَّغمِ من كُلِّ الجهد التَّضليلي المبذولِ من قِبَلِ الذُّبابِ الإِليكتروني لقلبِ الحقيقةِ والواقعِ.

تأسيساً على كلِّ ذلكَ فأَنا أَعتقد بأَنَّ السَّبب الحقيقي وراء أَزمة سعِر صَرف الدّينار هو عدم إِمتلاك الدَّولة لرُؤيةٍ ماليَّةٍ واقتصاديَّةٍ واضحةٍ وشفَّافةٍ بسببِ المُحاصصةِ والتدخُّلاتِ الخارجيَّةِ، فبلدٌ مثلَ العراق بمَواردهِ الطبيعيَّة الضَّخمةِ وثرائهِ وثرَواتهِ لا ينبغي أَن تتأَثَّر عملتهِ الوطنيَّة بالمُتغيِّرات أَبداً، حالهُ حال دُول الخليج مثلاً والذي لا ينقصُ العراق شيئاً من ظرُوفِها الإِقتصاديَّة وإِمكانيَّاتِها المالية بالقُّوة إِلَّا الإِدارة النَّاجحة والإِرادة السياسيَّة التي ترسِم سياسات إِستراتيجيَّة واضِحة ومُستقرَّة.

اضف تعليق