q
ان هناك فرصة حقيقية أمام هذا البلد لأخذ مكانته الطبيعية في هذه المنطقة الحيوية من العالم، وهناك توجه إقليمي ودولي بضرورة تعافي العراق من الأزمات الداخلية والخارجية، التي واجهته طوال الفترة الماضية، وتعزيز مؤشرات استقراره وانفتاحه على العالم الخارجي، وفقًا لمنافع ومصالح مشتركة...

يبدو ان التوجه العالمي اليوم يميل نحو التخلي عن البُعد الأيديولوجي في التعاملات الدولية، واستبدال ذلك بتحالفات مبنية على منظومة من المنافع المشتركة والمصالح المتبادلة. وهذا التوجه قد مكّن الكثير من البلدان تبنّي سياسة الانفتاح في تعاملها مع الدول الأخرى، وبالتالي التخلص من حساسية التحالفات الأيديولوجية، التي كانت سائدة الى وقتٍ قريب.

ويمكن اعتبار الصين النموذج الأبرز في هذا التوجه، عندما تخلت عن موروثها الفكري وتحولت الى دولة براغماتية في تعاملاتها الاقتصادية والتجارية، مع مختلف البلدان، بغض النظر عن طبيعة أنظمتها السياسية والأيديولوجية. ونعتقد أن العراق كبلد ليس استثناءً عن هذا المنحى العالمي الجديد.

وهذا ما أشار اليه البرنامج الحكومي بوضوح، عندما أكد ضرورة تعزيز علاقات العراق مع الدول المختلفة، على أساس مبدأ الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، والانفتاح على الجميع، بخاصة مع دول الجوار، والابتعاد عن سياسة المحاور. وقد تأكد ذلك من خلال مشاركة العراق في القمة العربية الصينية، التي انعقدت مؤخراً في الرياض، وكذلك مؤتمر دعم العراق بنسخته الثانية، الذي عقد في منطقة البحر الميت غربي العاصمة الأردنية عمان.

إنَّ التأكيد على أهمية تعزيز علاقات العراق الخارجية، والانفتاح على دول العالم والمنطقة له أكثر من غاية وهدف، فقد عانى هذا البلد، ولسنوات طويلة من عزلة تامة، وحصارات على أكثر من صعيد، وقد آن الأوان للخروج من هذه القوقعة السياسية، والتفاعل مع محيطه الاقليمي والمجتمع الدولي. وحتى يحظى الدعم الدولي للعراق بتأييد أوسع.

ومن ثم تعزيز مكانة العراق إقليماً ودولياً، بما يليق به كبلد محوري في المنطقة، يتوجب علينا أولاً ترتيب أوضاعنا الداخلية، من خلال وحدة الصف، وتوحيد الخطاب السياسي، وخروج الأطراف السياسية بموقف موحد من مجمل القضايا المصيرية، وما تمر به البلاد من انعطافات تاريخية. إنَّ على أي حكومة تُدير زمام الأمور في هذا البلد.

إن تعتمد الثوابت والخطوط العامة التي حددها الدستور لرسم ملامح سياسة العراق الخارجية، عبر مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية، وبناء علاقات سلمية وبناءة مع أطراف المجتمع الدولي، ومراعاة مبادئ حسن الجوار، والسعي لحل النزاعات بالوسائل السلمية، وإقامة علاقات مبنية على أساس المصالح المشتركة. وبالمقابل على الدول المختلفة، ولاسيما دول الجوار، مراعاة هذه المعايير الدولية في تعاملها مع العراق، والابتعاد عن الأساليب القديمة، والتي لا تصب في اتجاه تحسين العلاقات بين الجانبين.

إنَّ التعويل على سياسة الانفتاح يجب أن تحظى بدعم الجميع، فهي البوابة التي يمكن أن يطل من خلالها العراق على محيطه الإقليمي والدولي، وهي الفرصة الحقيقية المتاحة الآن لتعزير فرص التعاون على مختلف الأصعدة، وجذب الاستثمارات الاقليمية والدولية، بعد أن ثبُت فشل الطروحات والرؤى القديمة في استحداث خطط تنموية حقيقية ومستدامة، واختصر الأمر على اجراءات ترقيعية، لا تغني ولا تسمن من جوع.

ونعتقد أن الظروف قد باتت مواتية اليوم، فقد قوبل الانفتاح العراقي بانفتاح اقليمي ودولي مماثل على العراق، وقد انعكس ذلك في القمم التي جرت مؤخراً في الرياض وعمان، وكذلك الزيارات والاتصالات المتبادلة مع زعماء العالم، الأمر الذي يؤشر الى أهمية العراق في التوازنات السياسية والاقتصادية، الاقليمية والدولية.

ما نود التأكيد عليه، ان هناك فرصة حقيقية أمام هذا البلد لأخذ مكانته الطبيعية في هذه المنطقة الحيوية من العالم، وهناك توجه إقليمي ودولي بضرورة تعافي العراق من الأزمات الداخلية والخارجية، التي واجهته طوال الفترة الماضية، وتعزيز مؤشرات استقراره وانفتاحه على العالم الخارجي، وفقًا لمنافع ومصالح مشتركة، فكل المؤشرات التاريخية، والجغرافية، والاقتصادية التي يتمتع بها، تمنح العراق قيمة استراتيجية كبرى بين دول المنطقة والعالم أجمع.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق