q
آراء وافكار - مقالات الكتاب

تمهيد اولي لتقييم الحكومة

الجزء الاول

يستطيع المواطن ان يشرع بتقييم الحكومة منذ اليوم الاول لتوليها الحكم على اساس هذه المعايير ويستطيع رئيس الوزراء المكلف ان يضع هذه النقاط وهو يشكل حكومته ويكتب منهاجها. ويضع منذ اليوم الاول اقدامه على الطريق الصحيح بشجاعة كافية. فان وجد انه غير قادر على ذلك، فعليه ان ينسحب ويستقيل ويصارح الشعب...

يجب ان نحاول قراءة افاق حكومة محمد شياع السوداني واحتمالات نجاحها (او فشلها لا سمح الله) بعقل بارد بعيداً عن نشوة الانتصار او مرارة الهزيمة، وكذلك بعيدا عن الموقف الشخصي من السوداني حبا او كرها.

فما يهمنا ان يضع العراق اقدامه على الطريق الصحيح المؤدي الى الدولة الحضارية الحديثة، اي دولة الانسان والخدمات والقانون والمؤسسات والصحة والتعليم ووفرة الانتاج وعدالة التوزيع والتكافل الاجتماعي والعلم الحديث والحداثة وروح العصر Zeitgeist.

مع كل حكومة جديدة انطلق في نظرتي لها من امرين: الاول ان لا يكرر رئيسها اخطاء من سبقوه، وبعض هذه الاخطاء مرتبط بعيوب التأسيس، والثاني ان تنطلق الحكومة من رؤية بعيدة للعراق بوصفه دولة حضارية حديثة.

وقد ذكرت في مقال سابق نشرته قبل تشكيل الحكومة اربعة معايير للتقويم الاولي لها هي:

اولا، شخصية رئيس الحكومة: عرفنا رئيس حكومة اقرب الى الأمية منه الى المعرفة والثقافة. ضعيف الشخصية. والعراق يحتاج الى رئيس حكومة قوي الشخصية، قادر على المواجهة واتخاذ القرارات الصعبة. على درجة من الثقافة والمعرفة في السياسة والاقتصاد والشؤون الدولية. يؤمن بالديمقراطية والمواطنة والعلم الحديث. صاحب رؤية مستقبلية. وبالاضافة الى ذلك نحتاج الى رئيس حكومة قادر على مواجهة امراء الحرب والسياسة عندنا اذا تدخلوا في شؤون الحكم والادارة مما لا يقع ضمن صلاحياتهم. وان يقول لهم: (لا) حين تتطلب مصلحة البلاد ذلك.

ثانيا، طريقة تشكيل الحكومة او هويتها: عرفنا الحكومات التوافقية المشكلة على قاعدة المحاصصة والتوافقية والاستحقاق الانتخابي والتقاسم الحزبي والولاء الفئوي او الشخصي. والعراق بحاجة الى حكومة تشكل على الطريقة الديمقراطية. اي حكومة اغلبية سياسية يشكلها حزب وطني كبير وليس حزبا فئويا، او تحالف حزبي وطني كبير ايضا، بحيث تبقى مساحة مؤثرة للمعارضة السياسية.

ثالثا، كفاءة الوزراء: عرفنا وزراء جاءت بهم الاقدار (اي الانتماءات الحزبية) الى المناصب الوزارية. عرفنا وزراء غير مختصين باختصاص وزاراتهم. عرفنا وزراء كرسوا انفسهم لخدمة مصالحهم الشخصية او الحزبية او الفئوية، ماعدا العدد القليل جدا منهم بطبيعة الحال. العراق يحتاج الى وزراء خبراء في مجالات وزاراتهم، ذوي انتماء وطني، واحساس عالٍ بالمسؤولية. لا يهم ان يكون حزبيا او مستقلا، او شيعيا او سنيا او كرديا او عربيا او مسلما او غير مسلم، من داخل العراق او من خارجه. لكن من المهم جدا ان يكون مهنيا، كفؤا، قديرا، مخلصا، نظيفا، نزيها، ولاؤه للدولة والوطن والمواطن وليس للحزب او الزعيم.

رابعا، المنهاج الوزاري: يلزم الدستورُ رئيس الحكومة بتقديم منهاج وزاري ينال الثقة على اساسه. لم يحصل ان قدم رئيس وزراء مكلف منهاجا وزاريا حقيقيا. نحتاج الى منهاج وزاري معلن يشتمل على مصفوفة اهداف او مهام واقعية ممكنة التحقيق ضمن جدول زمني معلن ويستجيب لحاجات وطموحات ومشاكل الناس بعد تكييفها مع الامكانات المتوفرة وضمن اختصاصات وصلاحيات الحكومة في المجالات المختلفة.

يستطيع المواطن ان يشرع بتقييم الحكومة منذ اليوم الاول لتوليها الحكم على اساس هذه المعايير ويستطيع رئيس الوزراء المكلف ان يضع هذه النقاط وهو يشكل حكومته ويكتب منهاجها. ويضع منذ اليوم الاول اقدامه على الطريق الصحيح بشجاعة كافية. فان وجد انه غير قادر على ذلك، فعليه ان ينسحب ويستقيل ويصارح الشعب، كما فعلت ليز تراس، انه غير قادر على تحقيق ما يأمله الناس منه. وكفى الله المؤمنين شر الحكومات الفاشلة.

تتمتع حكومة السوداني الان بشرعية التمثيل بموجب متطلبات الدستور العراقي، لكنها ستكون بحاجة الى شرعية الانجاز بموجب تطلعات الناس وامالهم.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق