q
ضاع طريق الديمقراطية وتلاشت النخب والكفاءات المثقفة ولم تظهر طبقة وسطى تقود دولة عراق واحد وطن الجميع، واستبدلت بأجندات سياسية متضاربة انتهت الى ظهور شرائح مجتمعية على هامش صراعات وشخصنة حزبية، تتعامل مع نتائج توافق محاصصة تعيش على هامشها فيما انزوت النخب والكفاءات المثقفة والطبقة الوسطى بمختلف أشكال الاستبعاد والتهميش...

أولا تعريف الحداثة في ابسط أنواعه، التفكير بالمستقبل المنشود للخروج من واقع مرفوض مجتمعيا، في مناقشات جرت على موقع الواتساب مع استاذنا الدكتور مظهر محمد صالح والصديق الدكتور باسل حسن رئيس مركز دراسات كلوذا للرأي العام وصحافة البيانات، توقفنا عند دور النخب والطبقة الوسطى في التغيير السياسي المنشود والخروج من حالة الانسداد السياسي حيث يرى الدكتور مظهر محمد صالح ان صفوة القول ((ما زالت تلك الاجزاء النخبوية متعلقة وحتى اللحظة بأجنحة التحيزات السياسية والطبقية والمذهبية او القوميات الضيقة وغيرها.‎

وان ولادة نخبة عراقية مستقلة في القرن الحادي والعشرين هو بأمس الحاجة الى ولادة طبقة وسطى عراقية حقيقية عابرة للقوميات والمذاهب كشرط ضرورةً كشرط ضرورة" necessary condition "‎ ليُولد عبرها ومن خلالها قوى لمشرع مستقل، تقوده النخبة العراقية"sufficient condition " كشرط كفاية تهتدي به الديمقراطية العراقية التعددية كمجال فكري وحركي ذي صدى وطني واسع وليس العكس)).

وكان تعليقي الذي ضمنه أستاذنا صالح في مقال نشره على موقعه في الحوار المتمدن: ((عرفت الدولة العراقية نموذجها المدني من خلال ريادة الواقع السياسي ما بعد الحربين العالميتين.. هكذا ظهرت النخبة السياسية التي أدركت حقائق التاريخ وضرورات الجغرافية.. فانتعش واقع النخب المثقفة سواء أكانت مع الحكم الملكي ام ضده بتطبيقات نزاهة الرؤية لعراق واحد وطن الجميع.. بعد الانقلابات العسكرية انتعشت الطبقة الوسطى بانتعاش الواقع الاقتصادي وسرعان ما اضمحل دورها بعد إنهاك الحروب للاقتصاد العراقي.. حتى عام ٢٠٠٣ حيث كان من الممكن التصالح بين طبقات الشعب بعودة ظهور الطبقة الوسطى وممارسة دورها الاقتصادي والمجتمعي لإدارة الراي العام الجمعي المؤثر على القرار السياسي.

لكن لم تهتد التطبيقات الديمقراطية الى منهج اعتماد النخب والكفاءات المثقفة لقيادة البلد نحو تراكم مدني متجدد لبناء دولة حضارية حديثة تستثمر تراث عظيم من اجل مستقبل أكثر عظمة.. وادى نظام المكونات والمحاصصة الى استبعاد دور النخب في توليد طبقة وسطى مقتدرة لتطبيقات المواطنة الفاعلة في ادارة الدولة وبناءها المنفتح على طبقة وسطى تخلق فرص العمل في القطاع الخاص وإمكانية تحولها الى برجوازية وطنية.

هكذا ضاع طريق الديمقراطية وتلاشت النخب والكفاءات المثقفة ولم تظهر طبقة وسطى تقود دولة عراق واحد وطن الجميع، واستبدلت بأجندات سياسية متضاربة انتهت الى ظهور شرائح مجتمعية على هامش صراعات وشخصنة حزبية، تتعامل مع نتائج توافق محاصصة تعيش على هامشها فيما انزوت النخب والكفاءات المثقفة والطبقة الوسطى بمختلف أشكال الاستبعاد والتهميش وشرط الكفاية لعبور جسر الديمقراطية وبناء دولة لمستقبل اجيالنا المقبلة، يتطلب التفكير الايجابي بأهمية اعتماد النخب والكفاءات المثقفة على وجودها الفعال من اجل توسيع بقعة الزيت المجتمعية والاقتصادية لإنتاج طبقة وسطى تفرض كلمتها من خلال صناديق الاقتراع)).

في سياق نقل مثل هذه الأفكار الى واقع التطبيق، اعتقد هناك حاجة ملحة لإطلاق برامج تطبيقية للتنمية السياسية المستدامة تطابق خصوصية الاحتراف المهني في عراق اليوم، مثل التحول الاقتصادي الى نموذج اقتصاد السوق الاجتماعي وإمكانية ولوج اقتصاد المعرفة... كيف يمكن ان تعزز ثقافة البيانات تطبيقات ادارة السلطة حينما تكون ضمن مصفوفة السياسات العامة للبرنامج الحكومي المقبل.

كيف يمكن الخروج من ثقافة التعميم نحو ثقافة التحديد وطرح سيناريوهات متعددة للحلول المناسبة، لكن الدكتور باسل حسن له وجهة نظر أخرى حيث يجد ان ((تنمية النخبة السياسية عمل جبار في تطوير الدولة بسرعة فائقة.. اختصار زمن قد يستغرق 20 عاما لتحقيق مؤشرات تقدم علمي إلى نصف هذا الزمن أو أقل.. شرط لإنجاح التنمية السياسية هو علم البيانات الضخمة الذاتية.. البديل هو الجامعات.. لديها بنى تحتية وموارد بشرية ولوجستية.. كما أن القطاع الخاص الوطني الثري يمكنه أن يمول ذلك وهو من أكبر المستفيدين من نجاح تنمية النخبة السياسية)).

ما بين كلا وجهتي النظر، الفكرية والتطبيقية، تبرز الحاجة الى تجديد دور الطبقة الوسطى من خلال أدوار يمكن ان تلعبها النخب المستقلة لإعادة بناء السلطة في عراق الغد القريب، ويمكن ان يتحقق ذلك من خلال تعظيم دور القطاع الخاص المطلوب منه الانطلاق في برامج ابتكارية لا تعتمد على انتظار ما تقدمه الحكومة وان يكون دور القطاع الخاص في التعامل مع بناء الدولة ومن اجل هذه الدولة في عودة ظهور الطبقة الوسطى غير المرتبطة بالجهاز الحكومي وما فيه من مفاسد المحاصصة، السؤال هل يمكن ان يتفاعل القطاع الخاص مع هكذا طروحات؟؟؟ يبقى من القول لله في خلقه شؤون!

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق