q
العراق من الدول التي تبلغ فيها نسبة الفقر درجة مخيفة من الناحية الاخلاقية الانسانية، ومن الناحية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، رغم غناه من حيث الثروات الطبيعية. لقد اثبتت تجارب الحياة ان الفقر يؤدي الى تطورات دراماتيكية سلبية في المجتمعات التي يعاني منه. وفي دولة كالعراق...

يبدو من دراسة نشرتها مجلة "Foreign Affairs” الاميركية في عددها الاخير ان اهتمامات الناس الذين استطلعت اراؤهم في ١٢ دولة عربية من بينها العراق تتمحور حول ثلاث كلمات هي: الخبز، الحرية، والعدالة. مع تفضيل واضح لمفردة الخبز. وهذا يعني ان تحسين الشروط المادية للحياة يمثل اولوية بالنسبة للانسان في هذه الدول. ونحن نشعر بهذا بوضوح في العراق. فالناس الذين شاركوا في التظاهرات الاحتجاجية كانوا يطالبون بذلك، بعد ان شعروا ان الدولة التي ينتمون اليها لا تشبع بطونهم الخاوية.

العراق من الدول التي تبلغ فيها نسبة الفقر درجة مخيفة من الناحية الاخلاقية الانسانية، ومن الناحية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، رغم غناه من حيث الثروات الطبيعية. لقد اثبتت تجارب الحياة ان الفقر يؤدي الى تطورات دراماتيكية سلبية في المجتمعات التي يعاني منه. وفي دولة كالعراق، فان الفقر ليس نتيجةً لقلة الموارد، وانما بسبب سوء الادارة لهذه الموارد. وسوء ادارة الموارد يعني: عدم الاستثمار الجيد، وعدم العدالة في التوزيع.

وهذا يؤدي الى تراجع الاهتمام بالديمقراطية، وتفضيل ذلك النوع من الانظمة الاقل ديمقراطية والاكثر توفيرا للخبز. فلو سئل الناس عن اي شيء يفضلون اكثر، الخبز ام الديمقراطية، لكان جواب الاغلبية منهم: الخبز.

ولهذا نجد ان ميل الاغلبية من الناس في الدول الاقل توفيرا للخبز يتجه الى الصين، بالمقارنة مع الولايات المتحدة، هذا رغم ان الصين يحكمها حزب شيوعي ينفرد بالسلطة، ولا يجري فيها تداول السلطة سلميا عن طريق الاليات الديمقراطية، لكن ما يسترعي انتباه الانسان الجائع والفقير ليس غياب الديمقراطية.

وانما نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي الذي بلغ في الصين 2194 دولارًا في عام 2000 ليصل إلى 10431 دولارًا في عام 2020. ولهذا يفضل 51 في المائة من العراقيين تقوية العلاقات مع الصين، و43 في المائة مع روسيا، و35 في المائة فقط مع الولايات المتحدة.

وهذا يعني ان مؤشر نجاح اية حكومة في العراق سيتمثل في المقام الاول في قدرتها على التخلص من الفقر والجوع، ومن ثم توفير الحرية والعدالة. ولكن تدل خبرة السنوات الماضية ان الطبقة السياسية الراهنة غير قادرة على تحقيق ذلك لاسباب تخصها هي بالذات، وفي مقدمة هذا الاسباب الفساد وقلة المعرفة وعدم الكفاءة وعدم توفر الارادة السياسية.

وهذا ما يجرنا الى القول ان القضاء على الفقر والجوع مرتبط باستبدال الطبقة السياسية الراهنة باخرى تتوفر فيها صفات النزاهة والكفاءة والارادة السياسية والمعرفة العلمية-الاقتصادية اللازمة. وهذه هي من خصائص الادارة الحكومية في الدولة الحضارية الحديثة.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق


التعليقات

محمد علي
هناك مطلبين لا تراها المجلة الاميركية، او لا تريد رؤيتها: الدين والأخلاق، مخافة الله ينتج الثقة والأمانة، والاخلاق الحسنة يضمن التعاملات الآمنة بين الافراد، وهذا حديث الناس في العراق -على الاقل- ولكن الاميركيين يقرأون أوضاع الشعوب بنظاراتهم الخاصة فهم يرونهم مثل الابقار والخيول التي عندهم همها علفها ثم تقممها وان تسيح حيث تريد2022-03-01