q
أي عراقي ينوي مراجعة احدى الدوائر لإنجاز معاملة ما، عليه ان يأخذ معه حزمة من الأوراق الثبوتية التي تمكنه من إكمال هذه المعاملة الى جانب المعاناة الكبيرة التي تواجهه في اغلب الدوائر ذات العلاقة بموضوعه، حتى يصل الحال بالمراجع الى التذمر والعدول عن قرار الإنجاز هذا...

أي عراقي ينوي مراجعة احدى الدوائر لإنجاز معاملة ما، عليه ان يأخذ معه حزمة من الأوراق الثبوتية التي تمكنه من إكمال هذه المعاملة الى جانب المعاناة الكبيرة التي تواجهه في اغلب الدوائر ذات العلاقة بموضوعه، حتى يصل الحال بالمراجع الى التذمر والعدول عن قرار الإنجاز هذا، وقد يصل به الحال الى تمزيق الأوراق جميعها والرجوع الى المنزل بخفي حنين.

المستمسكات التي يجب ان تتوفر لدى المواطن اثناء المراجعة هي هوية الأحوال المدنية وشهادة الجنسية وجواز السفر وبطاقتي السكن والتموينية، وقد اضيف لها بطاقة الناخب والبطاقة الموحدة الى جانب الحصول على كارت يثبت تلقيك لقاح ضد فيروس كورونا المستجد، ففي الوقت الذي يأمل المواطن ان يتم تقليص عدد المستمسكات تعمل الجهات المختصة على زيادتها وتضخيمها.

ثمان بطاقات في أحسن الأحوال عليك ابرازها في دوائر الدولة، اما إذا شاء القدر ونسيت أحدها في المنزل او تم فقدانها، فمن الأفضل ان تحفظ ما تبقى من كرامتك وتبقى في المنزل دون الخروج لعمل ما في الدوائر، وهذا ما يحصل مع اغلب العراقيين الذين لم يحالفهم الحظ ويحتفظون بهذا الكم الهائل من الأوراق اللازمة والتي تثبت إنك مواطن عراقي مئة بالمئة.

لهذا الموضوع آثار كبيرة على المواطنين ومن اهم هذه الآثار هو الأثر النفسي، فالمواطن الذي يتصف بمزاج حاد، لا يمكن ان ينجز معاملة معينة دون الوقوع في حوار وشجار مع أحد الموظفين، فعادة تجري الأمور في الدوائر بشكل يعتمد على مزاج الموظف المعني، فاذا كان يُعاني من مشاكل اسرية، فان من الاجدر بك ان تعود الى المنزل حتى تنقشع سحابة المشكلة ويرجع المزاج طبيعيا والله اعلم متى يتم ذلك وتعود الأمور الى طبيعتها.

اذ يؤدي هذا الوضع الى لجوء اغلب العراقيين الى تخويل أحد المحامين او المعقبين ممن يعرف كيف تسير الأمور خلف الكواليس، تارة بالرشوة، وأخرى بالابتسامة الصفراء، وبالنتيجة يُنجز عمل أشهر طوال، بأيام معدودات قد لا تتجاوز عُشر المدة التي يستغرقها في حال قيامه بالمهمة.

وهذا التخويل يؤدي بصورة مباشرة الى زيادة الأعباء المالية على المواطن الذي يجهد كثيرا لتوفير قوت يومه، ناهيك عن مبالغ استنساخ هذه المستمسكات في كل مرة يذهب بها الفرد لإكمال معاملته، وبذلك سيذهب قدر كبير من ميزانية العائلة بهذا الاتجاه الذي لا يشكل أي ضرورة لاتباعه او الاستمرار عليه، سوى انه حلقة زائدة من حلقات التعقيد الحكومي.

ومن العيوب التي ترافق كثرة الأوراق الثبوتية التي يستخدمها المواطن في المراجعات، هو إمكانية الاختراق، فمن السهل جدا تزوير هذه المستمسكات وجلب بدائل عنها، وهذا يعني اننا نواجه مشكلة كبيرة جدا، ولها ابعاد على المستوى الوطني والإقليمي، ممكن جدا ان يزور المجرم هذه الوثائق وتساعده على الهروب الى دولة أخرى وينتهي الامر عند ذلك.

اذ تساعد هذه العملية على الإفلات من العقاب، وهو ما كبد العراق الكثير من الخسائر المالية، وسيادة الفوضى والاعتداء على المال العام، نتيجة غياب العدالة الحكومية، وما ساعده على ذلك الهروب هو الأنظمة الإدارية المتبعة من قبل الحكومة نفسها، فهي وفرت المناخ المناسب لهم للعمل بصورة غير شرعية.

صحيح ان الحكومة أدخلت ومنذ سنوات قليلة مضت نظام البطاقة الوطنية الموحدة لكن إجراءاتها تسير بصورة متعثرة ومعقدة في اغلب الأحيان، فالمواطن يعاني من الازدحام عند المراجعة وقد يكون شعوره بوجود هذا العائق يمنعه من الذهاب لإصدارها، اذ نجد اعداد كبيرة من المواطنين لا يمتلكون هذا المستمسك لغاية الآن ولهذه الأسباب.

وما يؤكد التخبط الحكومي بهذا الجال هو طلب المستمسكات الأخرى الى جانب البطاقة الموحدة من الشخص الذي يمتلكها، اذ يبقي هذا الحال المواطن في تردد مستمر حول إخراجها من عدمه، طالما جميع الأوراق لا تزال معتمدة من قبل المؤسسات الحكومية، ولا يمكن الاعتراف بالبطاقة الموحدة كمستمسك وحيد يمكن الاكتفاء به.

الاجراء السليم الذي يفترض على الحكومة اتباعه هو:

1. تسهيل عملية الحصول على البطاقة الوطنية الموحدة والتخلص من الأوراق الثبوتية الأخرى، للقضاء على ظاهرة التزوير التي تحدث باستمرار.

2. توفير فرق لإتمام الإجراءات المتعلقة بها كما فعلت مفوضية الانتخابات، عندما سلمت ملايين من بطاقات الناخب ويمكن التنسيق معها والاستفادة من خبرتها في هذا المجال.

3. تحديد مدة زمنية مناسبة للانتقال نحو استخدامها بصورة موحدة، ولا يتم الاعتماد او طلب الأوراق الثبوتية القديمة معها.

4. وضع برامج توعوية وارشادية للمواطنين من اجل حثهم على الذهاب للمنافذ المتخصصة بإصدارها.

5. سحب المستمسكات السابقة ومنعها من التداول في المعاملات الرسمية، لتوفير الراحة على المواطنين.

اضف تعليق