q
وتتمثل النمذجة الرقمية في الثورة التواصلية وشرعت ابواب التواصل المعرفي للتفاعل السياسي في العالم وكسرت حاجزاً كبيراً ومسار الاحادية الاعلامية كما وفرت للسياسيين إمكانية هائلة في التوجه للوسائل الاعلامية كأداة للتعبئة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية على المستوى المحلي والاقليمي والعالمي على حداً سواء. فالثورة الالكترونية

المقدمة:

يبادر الى الذهن للولهة الاولى عدة أسئلة بشأن هذا الموضوع ومعرفة ما يرنو له فهو من المواضيع الحديثة المعاصرة التي تمد الواقع الحالي بالواقع الافتراضي، والسؤال هنا ما معنى النمذجة؟ وماهي علاقتها بالنظم السياسية؟

النمذجة الرقمية (Digital modeling): هي احد طرق دراسة الظواهر الفيزيائية والتصاميم والانظمة الهندسية وتطويرها والتنبؤ بسلوكها، تتضمن خوارزميات رياضية عددية او منطقية، تتم بناء النماذج الرياضية في عملية النمذجة وعند تشغيل حالة خاصة معينة لدراسة سلوكها تسمى هذه العملية بالمحاكاة (Simulation)، ويمكن تعريفها بشكل آخر انها بناء واقع افتراضي يحاكي التجارب المخبرية أو الظواهر الفيزيائية الهدف منه هو تجريب التصاميم ودراسة سلوك الظواهر بفعالية وبتكاليف قليلة جدا مقارنة بالتجربة العملية او المخبرية.

تستخدم النمذجة لدارسة التركيب الداخلي للأنظمة المعقدة تماماً يمكن استخدام النمذجة في التطبيقات العسكرية والتدريب والدعم وتصميم أنصاف النواقل وفي مجال الاتصالات وتصاميم الهندسة المدنية إضافةً لنماذج الاعمال والانظمة السياسية (الحكومة الالكترونية) والمشاريع الاقتصادية الالكترونية.

وتتمثل النمذجة الرقمية في الثورة التواصلية وشرعت ابواب التواصل المعرفي للتفاعل السياسي في العالم وكسرت حاجزاً كبيراً ومسار الاحادية الاعلامية كما وفرت للسياسيين إمكانية هائلة في التوجه للوسائل الاعلامية كأداة للتعبئة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية على المستوى المحلي والاقليمي والعالمي على حداً سواء. فالثورة الالكترونية والمعلوماتية يمكنها أحداث تغييرات شاملة في شتى المجالات للمشاركة الفاعلة والايجابية في العملية السياسية وصولاً الى المشاركة في صنع القرار.

فالسلطة السياسية تود ان تكون إمتداداً لعلاقتها التاريخية مع كل (المؤسسات الدستورية والقضائية والامنية والاقتصادية والاعلامية)، لذلك فالمجتمع المدني وجد في التطور الرقمي والتكنولوجي إمكانيات هائلة وغير منضبة يمكنها إحداث تغيير في الفكر العربي، أيضاً وجد دينامية جديدة تجاوزت المضمون ونظام القيم التقليدي، فالرقمنة هي عملية (تأثير والتأثر).

لذلك سوف نتناول من خلال حديثنا: الاعلام الرقمي وعلاقتهُ بالسياسة، يمكن تحديد الاعلام الرقمي تبعاً لما تشكلهُ من منصات تختصر المسافات الزمنية والمكانية وسعة الانتشار لذلك فسهولة التواصل غير المكلف مع جمهور واسع وتفادي الرقابة وتسهيل وصول المعلومات وتنوع الآراء والمواقف الشاملة التي كانت رهان السلطة السياسية، فنحن في العالم العربي لانزال نعيش في أجواء سلطوية سياسية لا ترحب بالتعددية والحوار المفتوح، لكن مع وجود نظام سياسي ديمقراطي وتعددية حزبية والتعبير عن الرأي والتواصل الاجتماعي أصبح الجانب السياسي جزءاً مهما من هذه التطورات الرقمية، من خلال استخدامها للحملات الانتخابية مثلاً وتحشيد الجماهير من خلال هذه المساحات الافتراضية لتغدو فيما بعد مساحات فعلية ومحاولة لتغيير وجهات النظر.

فقد ساعد ذلك في الانتخابات الرئاسية الامريكية لعام 2016 وكذلك تعديل نتائج الاستفتاء الذي حصل في بريطانيا من أجل خروجها عن الاتحاد الأوربي (البريكست)، فذلك التأثير على المواطن الذي يعنى به (التأثير السياسي الرقمي) والتواصل معهم ومعرفة التقنيات الرقمية التي أصبحت محركاً فعلياً في زيادة الوعي الشعبي السياسي في بعض القضايا المتعلقة بالجانب السياسي.

والجانب الآخر من الحديث المرتبط بالمصطلح الجديد المعروف بـ (المواطنة الرقمية) وعلاقتها بالديمقراطية التشاركية والواقع الرقمي في المجال السياسي والتقنيات الحديثة وتأثير المتغيرات التشريعية ورموز السلطة وثقافة المجتمع، ومن هنا يمكن طرح التساؤل هل سيكون للديمقراطية التشاركية مستقبل في العالم العربي؟ فالمواطنة الرقمية جزء لا يتجزأ من الديمقراطية التشاركية المبنية على سهولة التواصل الاجتماعي والتفاعل ما بين الافراد والمؤسسات الرسمية.

فالمواطنة الرقمية هي التي تسهل الممارسات الفردية والاجتماعية القائمة الجديدة في مجال مشاركة المواطن في صنع القرار السياسي، ومن الخطأ عدم الالتفات الى دور التقنيات في فهم الحياة المدنية الجديدة، ففي الدول الديمقراطية يحتاج المواطنون التواجد الحكومي الرقمي للتواصل مع المقررات الحكومية وما يستجد من قرارات ومقترحات لإشراك المواطنين الفاعلين ومن المفترض ان تكون هناك كفاءات رقمية مؤمنة لبناء مجتمع معرفي في مجالات كافة من خلال تأهيل المواطن معرفياً ورقمياً بناءاً على مجموعة فرضيات تؤكد ذلك وتكون من خلال:

1. الرقمنة هي ثورة الاتصالات تسهم في تغيير المجتمعات والاجيال المستقبلية نحو الافضل بالاستخدام الرشيد لهذه التقنية.

2. تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات تتطلب سياسات حديثة.

3. الانترنت تغيير في العالم والمنطقة العربية واكتساب المعرفة وحرية العمل والتصرف ولا يمكن للحكومات إيقاف هذه العملية الرقمية، فالمستقبل في تطور دائم.

ومن خلال ما ذكر من المفترض التكلم عن النص السياسي الرقمي او (الخطابات السياسية الرقمية) وهي مرتبطة بالسلطة ومحاولة التأثير بالآخرين والخطاب الموجه، إذ تستخدم فيه كلمات بناءاً على تراكيب بلاغية من أجل تحشيد وتجنيد للعمل والفعل السياسي. بذلك فإن الخطاب السياسي موجه الى الداخل والخارج كذلك الاختلاف بحسب نظام الحكم القائم ومهما كان الاتصال السياسي رقمي او غير رقمي فهو مرتبط بالممارسات وبمنطق السلطة الذي يوجه شكل الخطاب، فالعالم اليوم أوجد عالم إجتماعي جديد يقع خارج إطار الضوابط والكوابح المعروفة، فقد اصبح الاعلام العربي فضاء تتصارع فيه قوى عددية ومتباينة أمثال ما حدث في الدول العربية (أحداث الربيع العربي) وتغيير طريق الأيديولوجية الذي ترسمها الدولة، ومن الممكن اعتبار هذه التطبيقات هي الفرصة للمواطن للمشاركة والتفاعل وإبداء الرأي والنقاش وتكون من أسفل الى الاعلى بعد ما كانت السياسات تنبع من الاعلى الى الاسفل.

وفي ختام الحديث فالتفاعل السياسي الرقمي من الضروري ان يدرك من قبل السياسيين والمجتمع هذه التغييرات وكل التشريعات المعرفية عندما تمارسها السياسات الفعلية خارج نطاق المحسوبية والتزعم والتسلط، فأساس ثقافة الفرد الرقمية تسهل عملية عدم خداعه بالخطابات المزيفة والدخول في عملية الحوكمة وبذلك تسمى بالديمقراطية التشاركية.

* طالبة دكتوراه في جامعة النهرين كلية العلوم السياسية

..................................
المصادر:
1. د. عبدالله موسى، د.أحمد حبيب بلال، الذكاء الاصطناعي ثورة في تقنيات العصر، مجموعة العربية للتدريب والنشر، مصر، ط1، 2019.
2. جان سیریل فضل الله، التخطیط لبناء قاعدة تطبیقیة لتقییم خدمات الحكومة الالكترونیة في العراق، مركز بحوث السوق، جامعة بغداد، المجلة العراقية لبحوث السوق وحماية المستهلك المجلد(4) عدد(2) 2012.
3. مريم خالص حسين، الحكومة الالكترونية، مجلة كلية بغداد للعلوم الاقتصادية الجامعة العدد الخاص بمؤتمر الكلية، وزارة الماليــــة -الدائــرة الاقتصاديـــة -قسم السياسـة الضريبيــة، بغداد، 2013.

اضف تعليق