q
نيويورك قلعة الليبرالية الامريكية اقل تحملا للاراء المعارضة خصوصا الجمهورية او الترامبية من تحمل مدن وولايات محافظة للاراء الديموقراطية، وانه لامر معروف انه يمكنك ان تكون ديموقراطيا في مدينة محافظة دون ان يؤثر ذلك على حياتك او عملك. لكن ان تكون جمهوريا او ترامبيا في نيويورك فهذا يعني حكم اعدام اجتماعي...

في صيف عام 2017 دعيت للحديث امام مجموعة مختارة من الكادر التنفيذي لواحدة من أكبر شركات العلاقات العامة في العالم. وكان الحديث في مقر الشركة في مانهاتن، حينها اجبت عن اسئلة كثيرة عن العراق وداعش والشرق الاوسط والسياسة الخارجية الامريكية. وبطبيعة الحال تطرق الحديث الى ترامب.

وقلت انني كنت من القلائل الذي توقعوا فوز ترامب لاسباب متعددة بينها انني عشت في نيويورك وخارج نيويورك ولدي اصدقاء ومعارف صوتوا لترامب لاسباب متعددة، لكن غالبية وسائل الاعلام الامريكية تعمل من مقرات في مانهاتن التي اسميتها بالفقاعة التي يظن من يعيش فيها انهم محور الكون كله ومحور امريكا وان اغلب الامريكيين يفكرون مثلهم.

وقلت ايضا انني لست مواطنا امريكيا لكنني كنت سأصوت اما لترامب او لا اصوت لانه من المستحيل ان اصوت لهيلاري كلينتون لانها بالنسبة لي ملكة التظاهر، حينها لاحظت وجوه الحاضرين – وكان اغلبهم شابات في نهاية العشرينات واوائل الثلاثينات من العمر وعدد منهم يشغل منصب نائب رئيس الشركة – وقد فغر البعض افواههم غير مصدقين لما اقول.

وقلت ايضا ان بان مقولة ان كل من صوت لترامب اما عنصري او غبي او مجنون هي ببساطة ليست الا خطأ. وضربت امثلة باشخاص اعرفهم شخصيا وكل له سببه الخاص فكان منهم والد زوجتي لانه ثري واحد اصدقائي من الذين خدموا في العراق لاسباب تتعلق بعدم القناعة بهيلاري كلينتون واخرين لاسباب اخرى.

وقلت ايضا ان مقولة ان التدخل الروسي حقق فوز ترامب خطأ ايضا لان هناك اكثر من 60 مليون امريكي صوتوا له، واثناء كلامي – الذي لم يعجب كثير من الحضور – بدأت بعض الشابات باظهار امتعاضهن بتعليقات معارضة لما اقول ثم غادر بعضهن القاعة احتجاجا على كلامي.

وبينما يبدو هذا التصرف متطرفا او مبالغا به فانه لم يكن مفاجئا لي على الاطلاق، فنيويورك – قلعة الليبرالية الامريكية – اقل تحملا للاراء المعارضة خصوصا الجمهورية او الترامبية من تحمل مدن وولايات محافظة للاراء الديموقراطية. وانه لامر معروف انه يمكنك ان تكون ديموقراطيا في مدينة محافظة دون ان يؤثر ذلك على حياتك او عملك. لكن ان تكون جمهوريا او ترامبيا في نيويورك فهذا يعني حكم اعدام اجتماعي. فلن يكون لك اصدقاء او حبيبة وقد تخسر عملك.

ولهذا ولان النيويوركيين – ومنهم من يعمل في مقرات كبرى شبكات التلفزة والصحف الكبرى – لايعرفون شخصيا اي جمهوري او ترامبي ولايريدون ان يعرفوا اصلا اي واحد من هؤلاء فان احكامهم غالبا ما تعجز عن فهم الصورة الكبيرة للمجتمع الامريكي وهو مجتمع اقل ما يمكن ان يوصف به انه لا يشبه كثيرا مدينة نيويورك.

حينها قلت مختتما ان عقلية الفقاعة المتحكمة بنيويورك ومؤسساتها ومنها وسائل الاعلام كانت السبب الرئيس لخسارة هيلاري كلينتون وقد تكون السبب – ان استمرت وقد استمرت – في خسارة الانتخابات المقبلة.

ولا يوجد هناك شيء أكثر تعبيرا من استمرار عقلية الفقاعة النيويوركية من اختيار بايدن بدلا من بيرني ساندرز عضو مجلس الشيوخ النظيف المبدئي.

يضاف الى ذلك استمرار وسائل الاعلام في نهج متحيز وواضح ضد ترامب دون ان يضر هذا النهج ترامب بل على العكس انه نفعه وينفعه وسينفعه ويزيد من تمسك مؤيديه به.

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق