q
حصر السلاح بيد الدولة يعني فتح جبهة داخلية جديدة ضد حكومة الكاظمي، اذ من الصعوبة بإمكان إقناع بعض المحاور التخلي عن وظيفتها التي أوجدتها لنفسها دون الرجوع لقيادة القوات الأمنية والتنسيق معها بصورة منتظمة، ما جعل الكثير من الأطراف تُشكل على هذه التصرفات وركنها الى خانة التخبط وعدم الانضباط...

في اول كلمة بعد اختيار رؤساء الحكومات السابقة والحالية، يتحدث الرئيس المكلف عن هيبة الدولة وضرورة فرض القانون وحصر السلاح بيد الأجهزة الأمنية، والقضاء على ما يسمى بالسلاح المنفلت، اي الخارج عن سلطة الدولة والتابع لمجموعات مسلحة غير مؤمنة بالنظام السياسي الجديد بعد عام 2003.

ولتحقيق هذه الغاية كلف رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي قيادة العمليات المشتركة خلال زيارته الى مقرها بالبدء بعمليات حصر السلاح بيد الدولة وسحبه من يد الجهات التي لا تأتمر بأوامر القائد العام للقوات المسلحة، اذ تعتبر الحكومة هذه المجموعات خارجة على القانون ولا يمكن ان تستمر بهذا النهج الذي اضعف مكانة القوات الأمنية بصنوفها كافة.

بالتأكيد لم يكن هذا القرار سهلا على الكاظمي ولم يكن سهلا في حال الشروع به، فالجهات التي قد تقف بوجهه، هي جهات متنفذة ولها في العراق القول الفصل، ولا يمكن لأي رئيس حكومة ان يتجاهلها ويضعها خلف ظهره، رغم ان هذه الجهات استنفدت رصيدها الشعبي وأصبحت تشكل مصدر خطر على السلم الاجتماعي.

الكاظمي وفي كلمته المتعلقة في هذا الخصوص لم يحدد هوية الجهة التي تمتلك السلام الذي اسماه بالمنفلت، وهنا تعقد الأمر بصورة اكبر، فلا تزال كثير من الجهات توصم الحشد الشعبي بالمليشيات الخارجة على القانون، بينما يذهب البعض الى ان القصد من كلامه هو الجهات التي تقف وراء قتل المدنيين بضمنهم النشطاء والفاعلين على مواقع التواصل الاجتماعي والمؤثرين بالرأي العام.

ان الحديث عن السلاح المنفلت بالعراق يتسم بالحساسية الى درجة كبيرة، ولا يستطيع احد ان يعطي توصيف او تحديد جهة بعينها تحوز هذا السلام؛ ولأسباب كثيرة لا يسع المقام لذكرها، لكن بالعادة فان اغلب العامة يعرفون جيدا هذه الجهات ولا داعي لتسميتها بشكل صريح.

اذا ما اراد الكاظمي التعامل مع هذا الملف الشائك عليه ان يتحمل او يتقبل النتائج المترتبة على ذلك، فمن الطبيعي ان يواجه موجة رفض من قبل الجهات التي تصف نفسها بالمقاومة الشرعية للوجود الأجنبي في البلاد، ولا يمكن ان تتراجع عن خطها طالما توجد عناصر اجنبية، بدافع التدريب والاستشارة العسكرية والأمنية بصورة عامة.

حصر السلاح بيد الدولة يعني فتح جبهة داخلية جديدة ضد حكومة الكاظمي، اذ من الصعوبة بإمكان إقناع بعض المحاور التخلي عن وظيفتها التي أوجدتها لنفسها دون الرجوع لقيادة القوات الأمنية والتنسيق معها بصورة منتظمة، ما جعل الكثير من الأطراف تُشكل على هذه التصرفات وركنها الى خانة التخبط وعدم الانضباط.

وبذلك يكون الكاظمي ملزم امام الجماهير التي وعدها في يومه الأول بانه سيقضي على هذه المظاهر التي اعتادوا على رؤيتها منذ سنوات متعددة، لكن علينا ان نتذكر ان الأمر ليس بالسهولة التي نتصورها فالكاظمي في الوقت الراهن، يخوض حربين على المستوى الداخلي تتمثل بالكتل السياسية والأحزاب المتصدرة للعملية، أما الحرب على المستوى الخارجي تتجسد بموقفه من الدول الجارة والأخرى صاحبة النفوذ الدولي وسبل التعامل معها وفق حالة من التوازن.

نية الكاظمي في مواجهة او التخلص من السلاح المنفلت، من المتوقع ان تخلق له أعداء جدد في الساحة السياسية، كون ما يدعو اليه السيد رئيس الوزراء، قد يُفسر على انه خطوة تحريضية ضد الند الدائم ايران.

ومن المتوقع ايضا ان تحرك الاخيرة أذرعها في الداخل العراقي من اجل الوقوف بوجه هذا المشروع وإفشاله، كونه بالدرجة الأساس يستهدف اطراف كثيرة ولائية لايران.

في الوقت الحالي يمكن القول ان مسك العصى من الوسط من اصعب المهام التي تواجه حكومة الكاظمي، وان اراد ذلك فان ذلك قد يكون عسير جدا، ومن الطبيعي ان تبحث او تسعى اي جهة من جهات الصراع في العراق الى جانب لين من جوانب الحكومة العراقية، لتمرير أمورها وتسيير شؤونها خدمة لمخططها الذي من المفترض ان تتحد الجبهات الداخلية الوطنية وتتفق على إجهاضه قبل ان يفوت الأوان.

اضف تعليق