q
تزداد متابعة الجمهور لوسائل الاعلام مع اندلاع الازمات، ويختلف حجم توافد الجمهور على وسائل الاعلام بحجم الازمة، كلما كانت الازمة كبيرة وتأثر على عدد كبير من الناس، زادت المتابعة، فضلا عن نوعية الازمة وتسارع الاحداث فيها والتعرجات التي قد تحصل في مسار التطورات اليومية وسبل التوصل الى علاج لها...

تزداد متابعة الجمهور لوسائل الاعلام مع اندلاع الازمات، ويختلف حجم توافد الجمهور على وسائل الاعلام بحجم الازمة، كلما كانت الازمة كبيرة وتاثر على عدد كبير من الناس، زادت المتابعة، فضلا عن نوعية الازمة وتسارع الاحداث فيها والتعرجات التي قد تحصل في مسار التطورات اليومية وسبل التوصل الى علاج لها قبل تحولها الى ازمة مزمنة.

وعندما تبدأ الازمة، فان كل معلومة تعد جديدة بالنسبة للجمهور، لسببين: الأول، ان الجمهور كان في سبات بعيد عن وسائل الاعلام خلال فترة ما قبل الازمة (فترة الاستقرار)، والثاني، ان احداث الازمة تكون متسارعة وغير معروفة حتى لدى صانع القرار، وبالتالي فان اية معلومة عنها في الأيام الأولى تمثل كنزا جديدا يكتشفه الاعلام ويعرضه للجمهور، لكن مع مرور الأيام تبقى بعض وسائل الاعلام تراوح مكانها وتتحول التغطية الإخبارية الى علكة يتم تدويرها بين افواه الناس دون أي جديد.

ماذا يعني تراوح؟

يعني ذلك تكرر نفس المعلومات مع تحديث بسيط، فعلى سبيل المثال يعاني العالم من ازمة جائحة فيروس كورونا منذ بداية انتشاره في الصين وانتقاله الى البلدان الاسيوية والاوربية حتى أصاب حوالي 160 دولة، ففي بداية الازمة كان الناس يريدون معرفة ما هذا الفيروس الذي أصاب العالم؟ ثم انتقلوا الى معرفة من يصيبهم الفيروس؟ ثم انتقلوا الى معرفة سبل الوقاية منه؟ وبالتوازي معرفة اعداد الإصابات والاعمار النوع الاجتماعي الذي يصيبه واشياء أخرى تم التعرف عليها وصارت بديهية لدى غالبية الجمهور.

ومع استمرار الازمة تتكرر العديد من الاخبار من حيث بنائها بمعنى اصبحت عناصر المعلومة واضحة ومعروفة، (سوف يقول لك المذيع كذا عدد الاصابات، وكذا محافظة تنتشر الاصابات، وهذه اعمار المصابين، وهذه اعداد الوفيات).

اليست هذه هي اخبار الوباء؟

الجمهور بحاجة ماسة الى هذه المعلومات، وهي أساسية بالنسبة اليه، ولا يمكنه التخلي عنها بشكل يومي لمعرفة اخر تطورات انتشار الوباء، لكن ما تحتاجه وسائل الاعلام فعليا ومن اجل التجديد بالتغطية وصناعة الوعي بهذه الازمة ليس الارقام فقط رغم اهميتها الكبيرة، فما بعد الارقام مهم جدا، ويمكن استخدامه لزيادة المعرفة بالوباء لدى الناس لا سيما وان وسائل الاعلام ومواقع التواصل اليوم هي المصدر الوحيد للمعرفة بعد إيقاف الأنشطة الاجتماعية التي كانت مصدرا من مصادر المعرفة بالمشاهدة المباشرة او بالتجربة، ولكي تصنع وسائل الاعلام التجديد في التغطية الإعلامية عليها التركيز على عدة مسارات:

1. التركيز على انتاج القصص الإخبارية بعيدا عن التقارير التقليدية، وتلك القصص تروي للناس ما يجري فعلا للمصابين داخل غرف الحجر الصحي.

2. انتاج قصص إخبارية تشرح طرق عمل الاطباء داخل المستشفيات وكيف يواجهون الوباء سواء بالادوات البسيطة الممكنة، او بالتقنيات الحديثة.

3. انتاج قصص إخبارية عن حياة العمال داخل المستشفيات لا سيما وان هذه الشريحة مهملة ومسحوقة.

4. انتاج قصص إخبارية تروي حياة قوات الامن وطرق تعاملهم مع الناس، لاسيما من يتبعون طرقا إيجابية للتعامل مع الحظر الصحي من اجل الترويج للنماذج الإيجابية في ظل التوتر العام.

5. انتاج قصص إخبارية تروي حياة الباحثين الذين يعملون ابحاثهم لانقاذ البشر، وكيف اثر الفيروس على تنشيط بعض المجالات وادى الى التوقف عن مجالات بحثية أخرى.

6. انتاج قصص اخبارية تروي حياة العمال داخل معامل الادوية وكيف تغير الطلب على بعض الادوية من حيث الزيادة والنقصان، فبعض الادوية ربما تزايد الطلب عليها فيما ركن بعضها الاخر على الرفوف.

7. انتاج قصص إخبارية تروي حياة الناس داخل منازلهم وخاصة القصص الملهمة والتي تركز على الجانب التوعوي وكيف التزم الناس بالإجراءات الصحية حماية لاهلهم واحبائهم واصدقائهم.

8. انتاج قصص إخبارية عن الحياة داخل الفنادق التي هجرها الناس بعد توقف السفر، فضلا عن انتاج قصص إخبارية عن المطارات التي تمثل حلقات الوصل بين دول العالم.

9. انتاج قصص اخبارية عن الاساتذة وكيف يقدمون محاضراتهم في التعليم الالكتروني سواء الجامعي او المدرسي.

الجمهور بحاجة الى قصص في مجالات الحياة المختلفة، وعن جميع الفئات المجتمعية ويكون التركيز على التغيير الذي احدثه كورونا، وهذه التغيرات بحد ذاتها هي شيء جديد ويستحق ان ينشر عبر وسائل الاعلام، لان التركيز على نقل التصريحات والمعلومات الخالية من اللمسة القصصية والانسانية تحول الجهد الاعلامي الى ما يشبه الآلة التي تخبرنا يوميا بعبارات محفوظة لدى الجمهور على شاكلة ( قال، واضاف، وتابع، واوضح.. الخ).

اضف تعليق