q
لا يمكن تجاهل السياسة في أي شيء سواء في الصحة او الاقتصاد او القضايا الاجتماعية، لكن ان تطغى السياسة وتأخذ مساحة أكبر من المساحة المخصصة للمجال نفسه فهذا يثير الشك، ويدعونا لطرح الكثير من التساؤلات، وهو امر ينطبق على ما جرى التعامل الإعلامي به مع فايروس كورونا...

في ظل الحديث عن فايروس كورونا تقوم وسائل الاعلام باستضافة مختصين للحديث عن الموضوع بغية احاطة الجمهور بما يجري حولهم واخر ما توصل اليه الباحثون في مجال الكشف الطبي، فضلا عن الحديث عن الاجراءات التي تتخذها الحكومات والمؤسسات الصحية لمواجهة الفايروس من حيث القيام بالفحص الدائم للمواطنين وتطبيق اجراءات الوقاية والقيام بالحجر الصحي للحالات المشكوك فيها.

تتحدث وسائل الاعلام عن اخر ارقام المصابين ومنحني الارتفاع والانخفاض، واعداد الوفيات ونطاقها الجغرافي، والخطوات التفصيلية لكل حكومة تقوم باجراءتها الصحية، هكذا هو السياق الطبيعي للتعامل الاعلامي مع اي ازمة، فاذا كانت ازمة صحية تكثر اللقاءات مع المختصين في المجال الصحي، واذا كانت ازمة امنية تكثر الاحاديث والتصريحات لرجال الامن وخبراء الامن، اما اذا كانت سياسية فيتم اللجوء الى رجال السياسة والخبراء في هذا المجال.

في ملخص كل تغطية اخبارية هناك قضية معينة وتقوم وسائل الاعلام باخذ التصريحات من اطراف القضية، وهم المختصون وشهود العيان والمسؤولون الرسميون، فضلا عن الذين يتاثرون بهذه القضية، لكن ما حدث مع فايروس كورونا كان مختلفا بعض الشيء، فهناك تركيز كبير على خبراء السياسة وزجهم في ازمة صحية، وقد لاحظنا اكثر من مؤسسة اعلامية تستضيف شخصيات سياسية مشهورة ما اثار الكثير من علامات الاستفهام؟

هل للفايروس جوانب سياسية؟

هل هناك توظيف سياسي لهذا الفايروس؟

هل هو ضعف من وسائل الاعلام لانها لا تستطيع ان تميز بين السياسة والجوانب الصحية البحتة؟

وهل هناك علاقة بين شهرة بعض المحللين السياسيين واحاديثهم الدورية في وسائل الاعلام؟ وهل هناك محللون موسوعبون بحيث يستطيعون تحليل كل شيء من السياسة الى الامن الى الاقتصاد ثم الصحة؟

هل هناك ضعف وعدم قدرة من قبل الكوادر الصحية في الحديث لوسائل الاعلام؟

وهل هناك نية لتضييع الارقام الحقيقية عبر تعليقات لشخصيات غير مختصة؟

كل تلك التساؤلات تثار وربما هناك من لديه اكثر منها، ونحن نرجح جانبين اساسيين في هذا الموضوع:

الاول هناك تخبط واضع في وسائل الاعلام في التعامل مع فايروس كورونا، ولم تستطع ان تواكب الحدث، فبعضها اعطته اكبر من حجمه واخذت تهول وتكبر من الموضوع، فيما بدأ بعض وسائل الاعلام بالتقليل منه لدرجة كبير وصغرته الى مرحلة عدم الاهتمام.

هناك حديث عن نظرية مؤامرة بدون ادلة كافية، وهناك أيضا في الجهة المقابلة حديث عن وباء عالمي في ظل ارقام وفيات بسيطة لا تتجاوز 3% من مجموع الإصابات.

الثاني: التوظيف السياسي للفايروس فقد تعاملت بعض وسائل الاعلام مع كورونا بنوع من الانتقائية، وارادت تحقيق اهداف سياسية محددة على حساب بعض الدول، فالفايروس في الامارات العربية المتحدة يختلف عنه في إيطاليا، كما يختلف فايروس فرنسا عن ذلك الذي يضرب ايران، وهكذا، اذ ان وسائل الاعلام تتعامل بحسب توجهاتها السياسية وملكية القناة وعلاقة المالك بالدولة التي يضربها الفايروس، فاذا كانت دولة صديقة يتم التسبيح بحمد إجراءاتها الصحية اما اذا كانت من الخصوم تصب عليها نار الغضب والفشل في التعامل مع الفايروس.

في الملخص، لا يمكن تجاهل السياسة في أي شيء سواء في الصحة او الاقتصاد او القضايا الاجتماعية، لكن ان تطغى السياسة وتاخذ مساحة اكبر من المساحة المخصصة للمجال نفسه فهذا يثير الشك، ويدعونا لطرح الكثير من التساؤلات، وهو امر ينطبق على ما جرى التعامل الإعلامي به مع فايروس كورونا، فقد اخذ الجانب السياسي منه حيزا اكبر من الحيز الصحي، واخذ خبراء السياسة يتحدثون عن جوانب صحية لا علاقة لهم بها، الا لانهم يجيدون الحديث عن كل شيء، ويجيبون عن كل سؤال.

اضف تعليق