q
المهم الان ان ندرك ان مؤشر الديمقراطية ذو ارتباط عضوي بأطروحة الدولة الحضارية الحديثة، ذلك ان الديمقراطية هي الركيزة الثانية للدولة بعد المواطنة، وتشخيص الدول التي حازت على وصف الديمقراطية الكاملة يقدم نماذج عملية لأطروحة الدولة الحضارية الحديثة، على الاقل في جانب الديمقراطية...

صدر مؤخرا مؤشر الديمقراطية لعام ٢٠١٩ الذي تصدره وحدة الاستخبارات في الايكونوميست البريطانية والذي يرسم حالة الديمقراطية في العالم، ويقسم هذا المؤشر دول العالم، طبقا لمعاييره الديمقراطية، الى اربع فئات، على اساس مدرج من الواحد الى العشرة، وهي:

الفئة الاولى: مجموعة الديمقراطية الكاملة وضمت هذا العام ٢٢ دولة، حازت تنازليا من ٩.٨٧ درجة الى ٨.٠٣ درجة من اصل ١٠.

الفئة الثانية: مجموعة الديمقراطية الناقصة او ذات العيوب التي ضمت ٤٣ دولة حازت تنازليا من ٨ درجات الى ٦.٠٢ درجة.

الفئة الثالثة: مجموعة الدول الهجينة التي شملت ٣٠ دولة حازت من ٥.٩٧ درجة الى ٤.٠١ درجة.

الفئة الرابعة: مجموعة الدول ذات الانظمة الشمولية، التي شملت ٥٣ دولة تدرجت من ٣.٩٣ درجة الى ١.٠٨ درجة.

ويجري التقسيم بناء على خمس منظومات معاير عناوينها هي: (العملية الانتخابية. الاداء الحكومي. المشاركة السياسية.

الثقافة السياسية. الحريات المدنية).

ولكل واحد من هذه المعايير تفاصيل كثيرة تغطي جوانب مختلفة من المعيار موضوع البحث.

وتم اشتقاق هذه المعايير من تعريف للديمقراطية يعتبرها "منظومة من الممارسات والمباديء التي تمأسس وتحمي الحرية". ورغم ان المؤشر يقر انه لا يوجد اجماع على تعريف الديمقراطية. الا انه يحدد القواعد الاساسية المجمع عليها للديمقراطية بما يلي: (حكومة منتخبة على اساس الاغلبية. رضا المحكومين. انتخابات حرة ونزيهة وعادلة. حماية حقوق الاقليات. احترام حقوق الانسان الاساسية).

وفيما يتعلق بالعراق، فقد خرج من مجموعة الدول الهجينة هذا العام ليدخل في مجموعة الدول ذات الانظمة الشمولية، رغم ان الدستور يصف العراق بانه دولة ذات نظام ديمقراطي برلماني. و جاء في المرتبة ١١٨ في المؤشر، من اصل ١٦٧ حيث نال ٣.٧٤ درجة من اصل ١٠ درجات موزعة كالاتي: العملية الانتخابية:٥.٢٥ ، الاداء الحكومي: صفر

المشاركة السياسية: ٦.٦٧، الثقافة السياسية: ٥ ، الحريات المدنية: ١.٧٦).

ونستطيع ان نلاحظ ان العراق "نجح" في ثلاثة معايير لكنه فشل في معيارين ابرزهما الاداء الحكومي.

وهذا هو بين القصيد من الديمقراطية باي تعريف فهمناها، اي ان المطلوب منها ان تؤدي الى تحسين الاداء الحكومي، فان فشلت في ذلك تحولت الى ديمقراطية شكلية او انتخابية فقط لا يمكن ان تنال رضا المحكومين ويستطيع المواطن العادي ان يلمس بل يتأثر بامثلة عديدة من سوء الاداء الحكومي في حياته اليومية. وهذا ما يدعوه الى الاحتجاج والتمرد. وهذا ما يفسر بدرجة كبيرة لماذا تركز شعارات التظاهرات الاحتجاجية على الاهداف المطلبية الحياتية اكثر من غيرها. لان العبرة في المؤشر الديمقراطي ليست فقط في اجراء الانتخابات، وانما في جودة الاداء الحكومي.

وهذا يعني ان تحسين الاداء الحكومي مطلب ديمقراطي وليس فقط موضوعا للاحتجاج، ويرتبط تحسين الاداء بامور كثيرة منها تغيير طريقة تشكيل الحكومة. فقد اثبتت السنوات الماضية ان الطريقة المتبعة في تشكيل الحكومات لم تنفع في تحسين الاداء، بل زادته سوءً. واقصد بالطريقة: الانتخابات باسلوب القائمة، وتشكيل مجلس الوزراء بطريقة المحاصصة الطائفية والعرقية والحزبية تطبيقا لما يسمى بالاستحقاق الانتخابي الذي يقضي بمشاركة كل القوائم الانتخابية الفائزة.

المهم الان ان ندرك ان مؤشر الديمقراطية ذو ارتباط عضوي بأطروحة الدولة الحضارية الحديثة، ذلك ان الديمقراطية هي الركيزة الثانية للدولة بعد المواطنة، وتشخيص الدول التي حازت على وصف الديمقراطية الكاملة يقدم نماذج عملية لأطروحة الدولة الحضارية الحديثة، على الاقل في جانب الديمقراطية، ومن شان هذا التشخيص ان يساعد في تحديد معالم التحرك الاصلاحي عندنا.

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق