q
آراء وافكار - مقالات الكتاب

رصاصة من طرف ثالث

الرصاصة من طرف ثالث، يحاول تحويلها من سلميتها الى دموية فكره، من شعبية مطلبية ذات أسباب سياسية، الى مواجهة مع القوات الأمنية والنيل من تضحياتها، وإنجازاتها التي رسمت بسيول الدماء من شعبية حقيقية الى تطبيق لأجندات دولية، الرصاصة من الذي يتنصل من مسؤولية مارسها طيلة سنوات، وتمتع بإمتيازاتها...

لا أحد لحد الآن ولا مستقبلاً، يستطيع القول أن التظاهرات الحالية غير مشروعة، ولا يمكن إنكار إحتجاجات لحقوق أساسية، وكل يعترف بها ساسة وبرلمانيون وتنفيذيون ومحللون ومواطنون، لكنهم إختلفوا على من يتحمل المسؤولية الأكبر فيما وصل له العراق، رغم أقرارهم بما فيهم المواطن، بأنه مسؤول بدرجة ما، لأنه أما إنتخب فاشلاً أو لم يشترك وفسح المجال للفاسدين بالعودة، وكل الأطراف الآنفة متفقة على حتمية الحلول، ولكن هناك من يدفع للفوضى وخلط الأوراق وركوب الموجة.

تعتبر جميع الأطراف أن التظاهرات وسيلة سلمية للضغط على السلطات لتحقيق أهداف جماعية، وترهن النجاح بديمومة السلمية وضمن السياقات القانونية، كي لا يُتاح لناقد لفعل هنا وتصرف هناك، أو هفوة تسمح للتدخل الخارجي، ولكن لا تخلو من أصوات تنافي الديمقراطية، وسلمية معظم المتظاهرين، فتسعى بكل الوسائل لإسقاط النظام، وبذلك إرتفعت أصوات أزيز الرصاص وأزهقت الأرواح من المتظاهرين والقوات الأمنية، وأحرقت مئات المنازل والمؤسسات وأغلقت المدارس.

ظاهراً أن إتفاق جميع الأطراف على تأييد التظاهر السلمي، والحفاظ على النظام العام والنظام السياسي، الذي هو بمثابة جسم غريب في منظومة أقليمية أسرية، لا تبيح التعددية، بل النظام غريب على مجتمع في ذاكرته عوالق شمولية الحكم، وتحفر في ذاكرته مبدأ الطاعة بدون نقاش، والقوة على تطويع الشعب بالقمع، ومن ثم الإحتلال وذروة الإرهاب تصاعداً الى عام 2014م، وخلال السنوات المنصرمة تساقط مئات آلاف الضحايا، وكأن مشهد الموت أضحى بملامح متعددة، مؤطرة بالدماء النازفة، وحتى الأطفال ما عاد لديهم مشاهد تقطيع الأجساد بشكل يومي غريب على مشاهداتهم، وبفعل تضحيات جسيمة، خرج العراق من هاوية حرب أهلية وطائفية، كادت تحرق الأخضر واليابس.

ما صنعته السنوات الماضية لا يمكن إقتلاعه بسرعة، بل هناك أجيال لم تعاصر بعض الأحداث، ورُسخت في أذهانها مفاهيم بغطاء أنيق، ومحتوى بركان وقود حريق، وأصيبت الدولة القوى السياسية بعدوى الطموح للكم على حساب النوع، لذلك أحيطت بالمتملقين والمتسلقين، الي يجملون الأخطاء ويفتخرون بالخطيئة، فكانوا بيئة مناسبة ساهمت في تحطيم مرتكزات الدولة.

إن الدماء لم تتوقف الى اليوم، وما يزال القاتل مجهول منذ عقود من الزمان، مجهول من يسعى للفوضى ويراهن عليها، وفاسد لا يريد الاصلاح السلمية، ومنتعين لا يريدون تمرير الاصلاحات التي وردت في قرارات حكومية وبرلمانية لتلاحق إمتيازات وصفقات بعضهم، الرصاصة من طرف ثالث، يحاول تحويلها من سلميتها الى دموية فكره، من شعبية مطلبية ذات أسباب سياسية، الى مواجهة مع القوات الأمنية والنيل من تضحياتها، وإنجازاتها التي رسمت بسيول الدماء من شعبية حقيقية الى تطبيق لأجندات دولية، الرصاصة من الذي يتنصل من مسؤولية مارسها طيلة سنوات، وتمتع بإمتيازاتها.

والآن يحاول ركوب موجة التظاهرات والتباكي على مصائب الشعب بينما هو من مصائبهم الكُبرى، فيتحدث وينسى أنه مُتظاهر عليه أيضاً، رصاصة من لا يريد الخير للعراق ويعتاش على الفوضى، التي تتيح لمصالحه الشخصية والحزبية لإرضاء أطراف دولية يأكل من فتات موائدها، رصاصة في قلب عودة العراق الى المنظومة الدولية، لإيقاف التعاقدات التي تخلصه من الهيمنة الأحادية الدولية، رصاصة كي يكون العراق طرف لإشعال الحرب الأهلية، كي تمتد الى حروب أقليمية.

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق