q
امريكا تحاول من دخولها العراق بعد انسحابها من سوريا لاسيما وأنها تتحدث عن امكانية البقاء طويلا، ان تحد من هيمنة خصومها في المنطقة فهي تريد ان تتدارك الموقف وتعيد العراق الى صفها بعد ان اخذ الابتعاد شيئا فشيء نتيجة تسنم زمام الامور من قبل شخصيات...

احداث تجري بضبابية وتسارع غير مسبوق، توغل تركي في سوريا يقابله انسحاب للقوات الامريكية باتجاه العراق بينما تبقى وجهة القوات الأخيرة غير معروفة لدى بعض المراقبين.

الحكومة العراقية وعلى لسان وزارة الدفاع نفت اي موافقة على بقائها على أراضيها، فيما تحدث وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر عن نقل نحو ألف جندي الى غرب العراق لمواصلة محاربة داعش، الانسحاب من سوريا جوبه بالعديد من الانتقادات لكن مع ذلك يبقى موقف رئيس الاقليم السابق مسعود برزاني مرحبا بالدخول الامريكي عن طريق اراضي الاقليم التابع رسميا لحكومة المركز.

فامريكا تحاول من دخولها العراق بعد انسحابها من سوريا لاسيما وأنها تتحدث عن امكانية البقاء طويلا، ان تحد من هيمنة خصومها في المنطقة فهي تريد ان تتدارك الموقف وتعيد العراق الى صفها بعد ان اخذ الابتعاد شيئا فشيئ نتيجة تسنم زمام الامور من قبل شخصيات ترى هي موالية لأطراف إقليمية اكثر من ولائها لحكومة واشنطن، فربما تريد من هذا الانسحاب تعزيز مكانتها ولتقول نحن اولى في العراق وخيراته من الغير.

وربما يستمر التصعيد بهذا الاتجاه ويعود العراق منطقة حرب بين الولايات المتحدة الامريكية وخصومها في المنطقة، سياسة ترامب الانفرادية واتخاذه بعض القرارات التي قد تكون اتخذت بصورة آنية من غير دراسة عميقة لابعادها المختلفة، انتهى بقرار الانسحاب المفاجئ من سوريا يأتي في هذا الإطار.

من الواضح ان الدخول الامريكي غير مرحب به شعبيا ولا سياسيا وكذلك غياب التأييد الدولي، على العكس تماما عند مقارنة الترحيب الشعبي للقوات الامريكية التي احتلت العراق عام 2003، فوفق هذا المشهد قد تعاني القوات الامريكية من الازعاجات نتيجة ردود الافعال الجماهيرية.

كما ان هنالك احتمالية تعرض تلك القوات الى ضربات من داخلية بشكل او بآخر وهو ما قد يكون هدف غير معلن من امريكا وراء قرار الدخول لفتح باب المواجهة مجددا مع خصومها في العراق بعد يأسها من جني الثمار من تحريكها ملف مضيق هرمز وسعيها الدائم وتروجيها لمسألة ان الملاحة النهرية ليس في مأمن.

فالانسحاب الامريكي من شمال شرق سوريا وصوفوه اكرادها بأدارة الظهر الامريكي لهم، ومن المتوقع ان يحدث نفس التصرف مع اكراد اقليم كردستان ويتم خذلانهم كما في السابق عام واحد وتسعين وفوتت عليهم فرصة الاستقلال.

الساسة في اقليم كردستان يتعاملون مع المواقف على انهم دولة مستقلة لها حدودها الادارية وانظمتها وقوانينها، اذ من المعروف انهم يعتاشون على الازمات مع حكومة المركز ويقفون مع اي جانب دولي يضمنون تعاطفه مع قضيتهم المحورية وغايتهم الوحيدة.

لو يقوم السياسين الاكراد باعادة شريط الاحداث قليلا وتذكر كيف تخلت عنهم ادارة البيت الابيض ابان استفتاء الانفصال واصطفافها مع حكومة بغداد الاتحادية، هذا التصرف يؤكد عدم جدية الجانب الامريكي في تحقيق الحلم الكردي، كما يوضح في ذات الوقت الركوع الكردي والتوسل المستمر لضمان اعطاء صوت التأييد ان لم يكن في الوقت الحالي فربما في السنوات القادمة.

بالتأكيد دخول القطعات العسكرية الامريكية عن طريق اربيل لم يجري بصورة اعتيادية، حيث يوشي بأن هنالك اتفاق مبرم مع الجانب الكردي قد يكون الهدف الاساس منه شق الوحدة السياسية العراقية ومن ثم خلق الانشقاقات المجتمعية داخل البلاد.

من الممكن ان نربط التحرك الامريكي على الاراضي العراقية يأتي بالتزامن مع الاستياء الشعبي من تصرفات الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 ولغاية الآن، وهو ما ينذر بوجود سيناروهات امريكية من شأنها احداث تغيرات غير متوقعه في المشهد السياسي العراقي، بالخصوص وهي تحاول اظهار ان دورها اخذ في الانحسار بشكل نسبي وعليها ان تفرض سيطرتها على مفاصل العملية السياسية بشكل اوسع كما كانت في السابق.

الآن نحن امام خلاف بين المركز والاقليم بسبب التواجد الامريكي بصفته العسكرية على اراضي الاقليم، وهنا يقودنا لطرح التساؤول الآتي، هل يحق لحكومة بغداد ان ترفض هذا الوجود؟، ام ستبقى مكممة الافواه كون الاجانب الامريكي احد طرفي المعادلة.

العراق تعامل مع الوجود الامريكي عبر الاتفاقية الامنية عام 2011، اذ صوت البرلمان العراقي على تمريرها بالاجماع او بالاغلبية المريحة، وهذا التحرك ووفق وجهة النظر القانونية فهو مخالف للقانون وهنا لابد ان يكون تحرك من قبل مجلس النواب لاعادة تفعيل بنود الاتفاقية ومنع خرق قواعدها من قبل احد الاطراف.

اضف تعليق