q
سؤال لم اتوقع الحصول على اجابة دقيقة من احد عليه، لكن هذا لم يجعلني اتوقف عن اطلاقه، وهو من المسؤول عن هدر المال العام في العراق؟، الماضي والحاضر هما شريكان في ما يمر به العراق من فساد، لم تكن ظاهرة الفساد وليدة اللحظة او المرحلة...

لا يختلف عاقلان على ان بلاد الرافدين تمتلك من الثروات الشيء الكثير، فاحدى تلك الروافد هو صادرات النفط التي تصل ما بين ثلاثة الى اربعة ملايين برميل يوميا، والعائدات المقدرة وفقا لجهات رسمية تصل الى ما بين ستة الى سبعة مليار دولار شهريا، اي اكثر من ثمانين مليار دولار سنويا، دون الاخذ بعين الاعتبار الزيادة الحاصلة على اسعار النفط.

هذه المبالغ الطائلة والتي يتم تحصيلها من عائدات النفط المصدر الى جانب ما يتم استحصاله من موارد نتيجة الاستهلاك المحلي، فضلا عن ما تدره المنافذ الحدودية والضرائب والرسوم، بالإضافة الى ايرادات السياحة الدينية والمطارات، اذ تصل مجمل الايرادات العراقية بذلك الى ارقام كبيرة ربما تفوق 100 مليار دولار.

موارد مالية كبيرة لم تنعكس على الوضع الحالي الذي يعيشه المواطن، يمكن تعليل ذلك بدفع العراق لتعويضات الحروب الماضية، وسلب الاحتلال الامريكي لثروات الدولة، ولا يمكن ان يهمل الفساد الاداري صاحب الدور الابرز في ضياع خيرات البلد.

الخدمات بدأ بالصحة مرورا بالكهرباء والخدمات البلدية وصولا الى قطاع التعليم والصناعة والزراعة، جميعها تعاني تدنيا مخيفا على الرغم من وجود تخصيصات مالية للنهوض بها منذ اكثر من خمشة عشر عاما.

سؤال لم اتوقع الحصول على اجابة دقيقة من احد عليه، لكن هذا لم يجعلني اتوقف عن اطلاقه، وهو من المسؤول عن هدر المال العام في العراق؟.

الماضي والحاضر هما شريكان في ما يمر به العراق من فساد، لم تكن ظاهرة الفساد وليدة اللحظة او المرحلة بل هي موجودة ومن تبعات النظام السابق، وعندما جاء الاحتلال الامريكي حاولوا الامريكان ان يبقى هذا الفساد ليكون لهم غطاء لتحصيل المزيد من الاموال وغيرها من الصفقات.

الساسة العراقيين استمروا في دوامة الفساد ولم يتمكنوا من الخروج منها على الرغم من وجود اعتراضات كثيرة منها جماهيرية وغيرها نخبوية، قضية الفساد في العراق هي قضية متشابكة ومتداخلة، وتجد الجميع يحمل لواء محاربة الفساد وهم جزء لا يتجزأ من منظومته.

المعالجة لاتكون بالشعارات والمظاهرات يجب ان توضع آليات وطرق حديثة من شأنها مكافحة الفساد، الجانب الامريكي يريد من العراق ان يبقى دولة ترزخ تحت آفة الفشل ليبقى منشغلا بعيدا عن تقديم الخدمات وغيرها من الامور التي تخدم المواطن.

يجب الا ننظر الى الفساد كنتيجة دون النظر الى مسبباتها المتراكمة التي ادت الى ما وصلت اليه داخل المؤسسات الحكومية العراقية، هنالك اسباب متعددة اتضحت بعد عام 2003 ابان الاحتلال الامريكي، من بين تلك الاسباب سياسية واقتصادية فضلا عن الاسباب الاجتماعية.

الذنب الاكبر تتحمله الطبقة السياسية الحاكمة في البلاد التي حكمت العراق من تغيير النظام لغاية الآن، اذ لم تتخلص من المحاصصة الطائفية او التوافقية من اجل تشكيل الحكومات المتعاقبة وهذا مهد لسرقة الاموال دون رقيب وحسيب.

غياب منظومة المحاسبة وضعف الجانب القضائي ادى الى الوصول بالوضع الى ماهو عليه حاليا، لم نرى اي جدية في محاسبة الفاسدين على مدى الحكومات المتعاقبة التي بدأت بالحاكم المدني بول بريمر الذي استباح الميزانيات وضحك على الذقون عبر تخصيصة مساعدات لم تكفي سوى صبغ جدران المدارس ولم تسهم باعادة البنية التحتية في البلاد، كذلك الحال بالنسبة للحكام العراقيين الذي لم يضعوا في اولواياتهم اعمار ما تم تخريبه خلال الحروب المتعددة لاسيما الاخيرة منها.

لابد من خلق اواصر قوية بين السلطات الثلاث لتأخذ كل منها دورها ولا يمكن ليد واحدة ان تصفق فالسلطة القضائية تبقى ضعيفة مالم تقف الى جانبها السلطتين التشريعية والتنفيذية.

جميع من في سد الحكم يتحملون جريمة هدر خيرات العراق التي لو تم استغلالها بالشكل الامثل لما بقي لغاية الآن قطاع يعاني ولا مؤسسة تطلق نداء الاستغاثة.

الارادات الدولية والاقليمية تريد من العراق ان يبقى متراجعا في مختلف المجالات، كون الاستقرار يجعل من البلاد ارض صالحة لاستقبال الشركات الاسثمارية وبالتالي يتم انتاج السلع والخدمات التي تغنيه فيما بعد عن الكثير من صادرات الدول الجارة وغيرها.

التشرذم الداخلي الذي تعيشه الكتل السياسية يتجسد بعدم وضع تعريفة كمركية موحدة بين حكومة الاقليم والحكومة المركزية في بغداد، وهذا بطبيعة الحال يعكس حالة عدم التوافق والتناغم بين اصحاب القرار، وهو ما يعد حائلا دون معالجة الفساد من قبل جهة معينة طالما الجميع مشتركين بهذه الجريمة بحق الوطن والشعب المسلوب الارادة.

رئيس الوزراء عادل عبد المهدي وعبر تأسيسه (المجلس الاعلى لمحاربة الفساد)، اذا اراد ان يبدأ بمحاربة الفساد عليه ان يبدأ بسن قانون وحدة التشريع اي سن قانون كمركي موحد لجميع العراق، اذ من غير المعقول ان تعفى السلع القادمة من الاردن عبر منفذ طريبيل من الضرائب، فيما تخضع السلع القادمة من البصرة لها، وهذا يعمل على انعاش المنفذ الاول ويجعل من الثاني يعاني الكساد والتراجع.

استقدام شركات استشارية قبل الشروع بتنفيذ المشاريع وصرف المخصصات المالية لها من اجل اعطاء التكلفة الحقيقية وعدم المبالغة في رصد الاموال الطائلة ربما يكون احد الحلول الناجعة، اذ من الملاحظ ان عمليات السرقة غالبا ما تكون في تنفيذ المشاريع المختلفة وتحميلها ما لا تتحمل من المصاريف.

وآخر تلك الحلول هو اعادة تجربة مجمع بسماية السكني والتعاقد مع احدى الشركات الاجنبية بصورة مباشرة لقطع الطريق امام السماسرة بمختلف المراحل من الوصول الى غايتهم والظفر بخيرات الوطن والوفيرة.

......................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق