q
انتقلت رئاسة البرلمان العراقي من النائب الأكبر سنا محمد زيني، الى رفيقه احد اصغر النواب سنا محمد الحلبوسي، الذي حصل على 169 صوتا في انتخاب سري جرى تحت قبة البرلمان، السبت، 15 أيلول 2018، لتكون الدورة الرابعة لمجلس النواب العراقي هي الأكثر دراماتيكية وتغيرا...

انتقلت رئاسة البرلمان العراقي من النائب الأكبر سنا محمد زيني، الى رفيقه احد اصغر النواب سنا محمد الحلبوسي، الذي حصل على 169 صوتا في انتخاب سري جرى تحت قبة البرلمان، السبت، 15 أيلول 2018، لتكون الدورة الرابعة لمجلس النواب العراقي هي الأكثر دراماتيكية وتغيرا.

في الانتخابات التي افرزت البرلمان الذي يرأسه محمد الحلبوسي رسميا، هناك بعض التغيرات وتوزعت الأصوات بشكل خلخل التوازن الذي كان معتادا طوال السنوات الماضية، اذ انه ولأول مرة تحصد قائمة التيار الصدري المرتبة الأولى، ولأول مرة أيضا يحصل ائتلاف المالكي على المرتبة الخامسة بينما هو كان اما الأول او الثاني وهذا تحول كبير.

لأول مرة تهبط نسب المشاركة في الانتخابات الى 44.5% من الناخبين، وهي أدنى نسبة مشاركة منذ سقوط النظام السابق عام 2003.

لأول مرة تحدث هذه الانشطارات الكبيرة لدى الكتل السنية والشيعية والكردية، فالشيعة انشطروا الى سائرون والفتح والنصر ودولة القانون والحكمة، اما السنة فانشطروا الى القرار والوطنية وحزب الحل وانشطر الاكراد الى عدة أحزاب ابرزهم الاتحاد الوطني الكردستاني والديمقراطي الكردستاني.

لأول يحدث يوم السبت منتصف أيلول 2018 ان يتم انتخاب رئيس للبرلمان العراقي هو حد اصغر النواب سنا، فالتغيير ليس في طبيعة التحالفات السياسية التي تهدمت على اثرها الطائفية والقومية، بل وصلت الى نوعية القيادات حيث يعلو صوت الشباب من بينهم الحلبوسي الذي يحمل تاريخ التولد (4 / 01 / 1981 الانبار – العراق). ويحمل شهادة في المهندسة المدنية حصل عليها عام 2002 من الجامعة المستنصرية.

اذن هو برلمان انهار فيه السقف فوق الكبار، وبات من الممكن للصغار ان يمارسوا ادوارهم، فلم يعد ائتلاف دولة القانون كبيرا، وفق معايير عدد الأصوات، فهو لا يملك سوى 25 مقعدا في البرلمان، يتساوى فيها مع كتل أخرى كان لا يضع لها أي اعتبار، ورغم ان دولة القانون لا يزال فاعلا لكنه لم يعد كبيرا اطلاقا. وتهدمُ بيت هذا الائتلاف الكبير هو انموذج فقط فلا الاكراد لهم صوت موحد ولا السنة ولا الشيعة، فلا ائتلاف شيعي موحد ولا سني ولا كردي، البرلمان جديد في أشياء كثيرة مهما أرادت الأحزاب عدم الاعتراف بهذه الحقيقة.

الكتل في السابق ارتبطت بزعيمها، فكلما كان الزعيم قويا كبر حجمها، بينما تضعف مع ضعفه، او انهيار هالة الهيبة والقداسة التي تحيط به، السنوات الماضية كانت كافية لتتغير الخارطة بكاملها، وبعد انهيار الكتل مع سقوط زعمائها، جاء دور الشباب ليزيحوا شخصيات أصيبت بالشيخوخة دون ان تقدم مشاريع جدية قادرة على النهوض بالبلاد والسير بها نحو الامام.

التقليد السياسي الاخر المعمول به منذ عام 2003 هو علو صوت التوافق على صوت المواطن في الصندوق الانتخابي، ولا يزال الصوت التوافقي السياسي (الداخلي والخارجي) اقوى بكثير من الصوت الانتخابي الحر للمواطنين، وبالتالي فان ما حدث اليوم باختيار محمد الحلبوسي لرئاسة مجلس النواب وفق نظام التوافق يعكس حالة التغيير في التفكير لدى القيادات السياسية التي وجدت من الضروري تغيير بعض التقاليد التي تهدد بانهيار العملية السياسية برمتها.

ما ينتظر من هذا البرلمان ان يواصل سحق التقاليد السياسية الفاشلة، وبناء أسس جديدة للعمل البرلماني قائمة على تشريع القوانين التي تنهض بالبلد، وتعمير ما تم تخريبه خلال السنوات الماضية، من خلال تنشيط الرقابة الشديدة على الحكومة واشعارها بانه لا مجال للتهاون في تنفيذ المشاريع الاستراتيجية والصغيرة التي تهم المواطن.

والتغيير الذي ينتظر من البرلمان الجديد هو الاستمرار في عملية التدمير للتقاليد السياسية التي لا تمت للدستور باي صلة، ابرزها التوزيع الطائفي والقومي للرئاسات الثلاث، (مجلس النواب، والجمهورية، ورئاسة الوزراء)، والخطوة الأكثر تقدما هي الغاء النظام التوافقي ووضع الأسس القوية لنظام سياسي قائم على التمثيل الحقيقي للمواطن بعيدا عن الضغوط الخارجية او أي ضغط اخر.

اضف تعليق