q

▪️ اختلفت الروايات التاريخية حول عدد بنات الإمام الحسين (ع)، فمنهم من قال ابنتين: هما فاطمة، والسيّدة سكينة، ومن هم من قال ثلاث بنات وهنّ: سكينة، وفاطمة، وزينب، ومنهم من قال أربعة بنات فذكر ثلاثة وهنّ: زينب، وسكينة، وفاطمة، ولم يتطرّق إلى اسم الرابعة، ومنهم من قال أربع بنات وهنّ: سكينة، وفاطمة الصغرى، وفاطمة الكبرى، ورقيّة (ع).

▪️ اختلفت الروايات التاريخية في تحديد عمر السيّدة رقيّة(ع) حين شهادتها، فبعض الروايات قالت: أنّ عمرها ثلاث سنين، وفي البعض الآخر قال: أنّ عمرها كان أربع سنين، ونقل في بعض الأخبار أنّ عمرها كان خمس سنين، وفي بعضها: أنّ عمرها سبع سنين.

▪️ لن تجد طيفاً إنسانياً يافعاً حمل من المعرفة والتربية الراقية تحمل فراق الأب والإمام المظلوم وألم السياط وذل السبي والإهانة، ككيان طفلة صغيرة عبرت بموقفها وصرختها عن مصاب وظلامة الإمام المعصوم والأب الحنون كطفلة اسمها رقية بنت الحسين (ع).

▪️ تعتبر السيدة رقية(ع) النموذج الطفولي الراقي في السلوك والإدراك الذي صُنعه الإمام الحسين (ع) بيديه المباركتين، لتكون الطفلة الواعية التي تستيقظ كل ليلة لتجهز سجادة الصلاة لأبيها، فتجلس بجانبه لتكحل ناظريها بخشوعه وجميل صلواته صلاته، وتجمل أٌذنيها بلذيذ مناجاته.

▪️ لا يمكن للمتأملين في قراءة التاريخ لاسيما المختصين في علم الاجتماع أن يضعوا علاقة الإمام الحسين(ع) بابنته السيدة رقية(ع) ضمن العلاقات الأُسرية المألوفة، فهي بلا شك علاقة أبوية خاصة، وتمازج روحي استثنائي يحوي أبعاد إنسانية لايعلمها إلا الله.

▪️ لاشك أن صورة العلاقة الأبوية الاستثنائية التي جمعت السيدة رقية (ع) بأبيها الإمام الحسين (ع)، هي صورة مصغرة للعلاقة الروحية والاستثنائية التي جمعت السيدة فاطمة الزهراء(ع) بأبيها المصطفى (ص).

▪️ شابهت السيدة رقية(ع) جدتها السيدة فاطمة الزهراء(ع) في علاقة البنت بأبيها من عدة نواحي أولاً: خصوصية واستثنائية العلاقة التي جمعت الأب بابنته، وثانياً: تعلق الروحان في الحياة وبعد الممات، وثالثاً: قصر عمر البنتين في الحياة، ورابعاً: عدم قدرة البنتين تحمل فراق أبويهما بعد مماتهما، فلحقتا بهما إلى عالم الأموات.

▪️ حينما يثبت رمح في الأرض يحمل رأساً، ولا يستطيع أحد تحريكه لأجل صغيرة نامت من التعب والإرهاق في الصحراء، فهي معجزة خارقة للنواميس الطبيعية تثبت تعلق روح الإمام المعصوم بابنته الصغيرة، وإن كان رأساً مفصولاً عن جسده.

▪️ حينما يصر البعض أن يزيداً بن معاوية خليفة من خلفاء المسلمين، فليعلم العالم بأسره أنه الطاغية المتغطرس الذي ضرب بالقيم الإنسانية والأخلاقية والدينية عرض الجدار، وأمر جلاوزته بتقديم رأس أبيها الإمام الحسين(ع) ملطخاً بدمائه إلى طفلته البريئة رقية (ع)، فانطبق عليه قول الله تعالى: {فَذَلِكَ الَّذِيي َدُعُّ الْيَتِيمَ}.

▪️ لم يكن تصرف الإمام السجاد (ع) تصرفاً عبثياً حينما سمح لأخته للسيدة رقية(ع) بالاقتراب من رأس أبيها، خاصة ولديه العلم المسبق بخصوصية علاقتها به، وإصرارها على رؤيته، حتى لو أدى رؤيتها لرأسه إلى إزهاق روحها.

▪️ حري أن نحرك عقولنا في ماهو المغزى الإمام زين العابدين (ع) حينما سمح لأخته رقية (ع) أن ترى رأس أبيها المقطوع والملطخ بالدماء، وهو يعلم أنها ستموت حسرة وجزعاً عليه؟.

▪️ يعد موقف السيدة رقية (ع) مع رأس أبيها أسمى تجسيد واقعي للشعائر الحسينية من بكاء وحزن بحيث لم تكتف بالبكاء والصراخ على رأسه فحسب؛ بل أوصلها ذلك لحالة من الجزع على مصابه انتهت بعروج روحها إلى بارئها وهي حاضنة لرأسه الشريف.

▪️ عروج روح السيدة رقية (ع) على رأس أبيها الإمام الحسين (ع) له دلالات عجيبة منها: يبين مدى إلمامها بظلامته وفجيعته، ومستوى تعلقها بروح أبيها، وعدم تحملها البقاء في عالم الدنيا بعد رحيله، فأبت مرافقته إلى عالمه الأخروي.

▪️ حينما تمتنع مُغَسِلَةُ عن تغسيل طفلة صغيرة ميتة بسبب رؤيتها لتورم في أضلاعها بتحوله إلى لون أزرق متوهمة إصابتها بمرض معدي، وهي لاتعلم أن ذلك اللون كان من أثر السياط الذي وقع على متونها، إذاً فأنت أمام فاجعة إنسانية مدوية انتهكت فيها حقوق الإنسانية وسلبت منها براءة الطفولة في صورة إنسانية دامية تمثل في جسم نحيل متورم من شدة السياط لطفلة صغيرة مظلومة أسمها رقية بنت الحسين (ع).

▪️ تعد فاجعة موت السيدة رقية (ع) في خرابة الشام من أكبر الفجائع التي واجهها أهل البيت (ع) لاسيما عند الإمام زين العابدين(ع) والسيدة زينب (ع) وذلك لعدة أسباب منها: ترادف موتها مع حالة السبي والمهانة التي لحقت بأهل البيت (ع) بعد كربلاء، وأثناء دخولهم إلى الشام، ولذلك عبر الإمام السجاد(ع) عندما سُئل عن أشد الرزايا التي واجهته؟ فقال: الشام.

▪️ تعد فاجعة موت السيدة رقية (ع) في خرابة الشام من أكبر الفجائع التي واجهها أهل البيت (ع)، وذلك لعدة أسباب منها: أن موتها بهذه الطريقة البشعة جدد مصاب أهل البيت (ع) في الإمام الحسين (ع) يوم عاشوراء.

▪️ تعد فاجعة موت السيدة رقية (ع) في خرابة الشام من أكبر الفجائع التي واجهها أهل البيت (ع) لعدة أسباب منها: أن موتها جدد الأحزان والمصائب على بنات الرسالة في فجيعتهم الكبرى بإمامهم الحسين (ع)، لذلك أصرت السيدة زينب(ع) على إقامة مأتم العزاء عليها وعلى أبيها في خرابة الشام لمدة ثلاثة أيام.

▪️ كانت فاجعة موت السيدة رقية (ع) في خرابة الشام الفرصة السانحة لإقامة أول مآتم العزاء على سيد الشهداء (ع) في مسقط رأس الدولة الأموية آنذاك، وبحضور جملة من النساء وفي مقدمتهم هند زوجة يزيد بن معاوية.

▪️ حري بمن يقف على قبر السيدة رقية (ع) أن يدرك حجم الجريمة الكبرى التي اقترفها الطاغية يزيد بن معاوية في حق الطفولة البريئة التي تحرّك الضمائر الحية وتهزّ الوجدان من الأعماق، وتجعل الإنسان المنصف ينحاز إليها ويرفع صوته بلعن ظالميها وغاصبيها حقها.

▪️ وجود قبر السيدة رقية (ع) في دمشق الشام إثبات متجدد لحجم الحقد الدفين التي حمله يزيد بن معاوية تجاه أهل البيت (ع)، لذلك ساق بنات الرسالة اُسارى إلى الشام، ويبين مستوى البشاعة والدناءة التي يحملها يزيد بن معاوية حينما عمد إلى تقديم رأس الإمام الحسين (ع)ملطخاً بدمائه ليُوضع في حجر طفلته المفجوعة بأبيها تلذذاً بتعذيبها، وزيادة في مآسيها وأحزانها.

▪️ ثقوا أن اللعين يزيد بن معاوية سيكون من أوائل الظالمين الواقفين أمام الله عز وجل ليُسأل عن الجرم الشنيع الذي اقترفه في زهق روح طاهرة بريئة من سلالة محمد وآل محمد دُفنت في خربة الشام، فيكون أول المسئولين عن قتل المَوْؤُدَاتٌ، وينادى عليه يوم القيامة: وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ، بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ.

▪️ حينما يطل الناظر بعين البصيرة على قبر السيدة رقية(ع) في خرابة الشام يلوح له قبر أبى مجاورته، أنه قبر الأخت الوفية لتوأم روحها زينب الحوراء (ع)، وكأنها تقول له بلسان الحال: ياحسين، أوفيت بكفالتي لعيالك ولعزيزتك رقية في الحياة، وأبيت أن أرجع لأرقد بجوارها كي أحرسها بعد الممات.

▪️ حينما تريد أن تطرق باب الله وتتوسل إليه بإمام معصوم كالحسين(ع) المظلوم في تلبية حوائجك منه، فأبحث عمن يحرك وجدانه، ويقلب كيانه، بحيث لايحتمل أن تذكر اسمهِ أو القسم بحقهِ، حينها لن تجد إلا اسماً وقسماً أعظم ذكراً من عزيزة قلبه رقية(ع).

* القطيف – الأوجام

اضف تعليق