q

▪️ الوقفة الأولى مع إشكالية سند رواية ضرب السيدة زينب(ع) لرأسها بمقدم المحمل أثناء خروجها من كربلاء بعد مقتل أخيها الإمام الحسين(ع)، فإذا كانت رواية تاريخية غير ثابتة التي ذكرها كتاب نور العين ومنتخب الطريحي، ونقلها الشيخ المجلسي في بحار الأنوار، واستناداً لوصية الإمام الحسين (ع) لأخته السيدة زينب (ع) الذي يقول فيها: " يا أخية، إني أقسم عليك فأبري قسمي لا تشقي علي جيباً، ولا تخمشي على وجهاً، ولا تدعي علي بالويل والثبور إذا أنا هلكت، فلاشك في أن لطم الوجه وشق الجيب قبيح إلا على أبي عبد الله الحسين(ع)، كما ورد ذلك في الأخبار الثابتة المروية عن الأئمة الأطهار (ع) منها ماورد عن الإمام الصادق (ع) الذي قال: إن البكاء والجزع مكروه للعبد، ما خلا البكاء والجزع على الحسين بن علي (ع)، فإنه فيه مأجور.

▪️ الوقفة الثانية مع إشكالية سند رواية ضرب السيدة زينب(ع) لرأسها بمقدم المحمل أثناء خروجها من كربلاء بعد مقتل أخيها الإمام الحسين(ع)، فإذا كانت رواية مرسلة غير ثابتة من جهة واستناداً لوصية الإمام الحسين (ع) لأخته السيدة زينب (ع) من جهة أخرى، يتبين أن ما ظهر من السيدة زينب (ع) من الجزع على أخيها الإمام الحسين (ع) لم يكن قبيحاً ولا مذموماً، بل كان فعلاً حسناً ومحبوباً، استناداً إلى الروايات المثبتة عن أئمة أهل البيت (ع) في هذا المقام، إلا أن الإمام الحسين (ع) أراد منها أن تكون أربط جأشاً، وأقوى جناناً بعد قتله، من أجل القيام بمهامها القيادية الجسيمة، ومسؤولياتها العظيمة بعد استشهاده، ولكي لا يشمت بها أعداء أهل البيت (ع)، ليس لكون جزع السيدة زينب(ع) جزعاً قبيحاً في أصله، بل بمقتضى الظرف الزماني والموقف المكاني الذي يتطلب ذلك، لكن حينما زالت تلك الظروف وابتعدت القافلة عن أرض كربلاء بما فيها من حراجة وخوف وضرر، ارتفع المنع المؤقت الذي ألزم به الإمام الحسين (ع) أخته السيدة زينب (ع)، فعاد الأصل في جواز بل استحباب الجزع على الإمام الحسين (ع) كما دلّت عليه الأدلة المتضافرة، والله العالم.

▪️ الوقفة الثالثة مع إشكالية سند رواية ضرب السيدة زينب (ع) لرأسها بمقدم المحمل أثناء خروجها من كربلاء بعد مقتل أخيها الإمام الحسين(ع)، فالنهي عن الجزع في وصية الإمام الحسين (ع) لأخته السيدة زينب (ع) إنما هو لظرفي زماني وموقف مكاني مؤقت في قوله(ع): "إذا أنا قُتلت " لا أنه حدث دائم مستمر، وإنما نهى الإمام الحسين(ع) عن ذلك في لحظة استشهاده، لأن السيدة زينب (ع) هي الراعية لمن تبقى من نسائه وذراريه المتزامن مع مرض الإمام زين العابدين (ع)، فلو اشتغلت بالجزع والبكاء على الإمام الحسين(ع) بعد استشهاده مباشرة لتعرضت العائلة إلى الهتك من قبل جيش الأموي، فأراد الإمام الحسين(ع) أن يؤكد على أخته السيدة زينب (ع) بضرورة ربط جأشها وحبس مشاعرها للتفرغ لجمع العيال في ذلك الموقف العصيب والظرف الزمني الحرج، وحتى لا يكون ذلك مسوّغاً للأعداء على ارتكاب ما هو أعظم مما قد يمسّ حرمات بنات الرسالة(ع).

▪️ الوقفة الرابعة مع إشكالية سند رواية ضرب السيدة زينب(ع) لرأسها بمقدم المحمل أثناء خروجها من كربلاء بعد مقتل أخيها الإمام الحسين(ع)، فالنهي عن الجزع في وصية الإمام الحسين (ع) لأخته السيدة زينب (ع) إنما هو لظرف زماني وموقف مكاني مؤقت لقوله(ع): "إذا أنا قُتلت" لا أنه دائم مستمر استناداً لأحداث مشابه تعامل فيها أبوها أمير المؤمنين(ع) مع وصية النبي(ع) بعد وفاته، حيث عمل بوصيته بشكل مؤقت وليس مستمراً، وهذا ما تنقله كتب السيرة على أن أمير المؤمنين (ع) التزم بوصية النبي (ص) في الظرف الزمني والموقف المكاني المؤقت الذي تلى وفاة النبي محمد (ص)، بينما لم يكن ملزماً بها في الظرف الزمني والموقف المكاني المستمر، بدليل ما تنقله كتب السيرة والتاريخ حينما قرر القوم نبش قبر السيدة فاطمة الزهراء(ع) واستخراج جثتها من أجل الصلاة عليها، حينها اشتاط أمير المؤمنين (ع) غضباً، ولبس لامة حربه وتقلد سيفه ذي الفقار، وخرج إلى البقيع ووقف في مواجهتهم وحال دون وصولهم إلى غايتهم في نبش قبر السيدة فاطمة الزهراء(ع) حتى لو أقتضى الأمر قتالهم بأجمعهم.

▪️ الوقفة الخامسة مع إشكالية سند رواية ضرب السيدة زينب (ع) لرأسها بمقدم المحمل أثناء خروجها من كربلاء بعد مقتل أخيها الإمام الحسين(ع)، فإذا سلمنا بعدم ثبوت حدوثها، فبين أيدينا روايات ثابتة ينقلها أئمة أهل البيت (ع) عن أنبياء الله ومنهم أنبياء أولى العزم سالت دمائهم تأسياً ومواساة لمصاب الإمام الحسين(ع) قبل ولادته واستشهاده؟ !!، فما هو التفسير وما هي الغاية و الرسالة التي جعل الله بشر معصومين كأنبياء يتفاعلون ويجزعون على فاجعة الإمام الحسين(ع) بهذه الطريقة دون سواها قبل حدوثها بالآلاف السنين؟ ولعل أقل ما يُفهم من طيات هذه الروايات أن الله أراد تعريف أنبيائه ورسله بعظم ظلامة الإمام الحسين(ع) وحجم فداحتها، ولكي لا يحرموا من ممارسة التفاعل والتأثر بمصيبته وفجيعته حتى وإن لم يشهدوها بأنفسهم والله العالم.

▪️ التساؤل الأول حول الروايات المثبتة التي نقلها أئمة أهل البيت (ع) عن أنبياء الله ومنهم أنبياء أولى العزم سالت دمائهم تأسياً ومواساة لمصاب الإمام الحسين(ع) قبل ولادته واستشهاده؟ !! هو: لمِ اختار الله لأنبيائه طريقة إسالة الدم بالذات تعبيراً وجزعاً على مصيبة الإمام الحسين (ع)؟ فكان بمقدوره أن يختار لهم طريقة أخرى للتعبير عن جزعهم عليه كالبكاء والحزن أو اللطم وماشابهه، خاصة أن إسالة الدم لم تكن طريقة مألوفة في مجتمعاتهم للتعبير عن جزع الإنسان بمصيبة وقتل إنسان آخر.

▪️ التساؤل الثاني حول الروايات المثبتة التي نقلها أئمة أهل البيت (ع) عن أنبياء الله ومنهم أنبياء أولى العزم سالت دمائهم تأسياً ومواساة لمصاب الإمام الحسين(ع) قبل ولادته واستشهاده؟ !! وهو: كيف يعطي الله لأنبيائه مسوغاً ومبرراً لإسالة دمائهم تفاعلاً وتأسياً مع ظلامة الإمام الحسين(ع) قبل حدوثها بظرفها الزماني والموقف المكاني، إلا لحكمة وغاية أرادها الله؟!!.

▪️ التساؤل الثالث حول الروايات المثبتة التي نقلها أئمة أهل البيت (ع) عن أنبياء الله ومنهم أنبياء أولى العزم سالت دمائهم تأسياً ومواساة لمصاب الإمام الحسين(ع) قبل ولادته واستشهاده؟ !! وهو: لو كانت إسالة الدماء مواساة لمقتل الإمام الحسين(ع) لا تندرج تحت عنوان وإظهار الجزع عليه، فكيف شرع الله لأنبيائه إسالة دمائهم جزعاً على الإمام الحسين (ع) قبل مقتله بالآلاف السنين؟ !!،

▪️ التساؤل الرابع حول الروايات المثبتة التي نقلها أئمة أهل البيت (ع) عن أنبياء الله ومنهم أنبياء أولى العزم سالت دمائهم تأسياً ومواساة لمصاب الإمام الحسين(ع) قبل ولادته واستشهاده؟ !! وهو: قد يقول قائل إن الله هو الذي جعل الدماء تسيل من أجساد الأنبياء ولم يسيلوها بأنفسهم، وهذا بمقتضى عدم معرفتهم بها وتبياناً لحجم المصيبة التي جعل الله دمائهم تسيل من أجلها.

▪️ التساؤل الخامس: حول الروايات المثبتة التي نقلها أئمة أهل البيت (ع) عن أنبياء الله ومنهم أنبياء أولى العزم سالت دمائهم تأسياً ومواساة لمصاب الإمام الحسين(ع) قبل ولادته واستشهاده؟ !! وهو: لماذا لم يسمح الإمام الحسين(ع) لأخته السيدة زينب(ع) بالجزع على ظلامته، فهي الأولى به من غيرها، بحكم قرابتها وصلتها بالإمام الحسين(ع) بل لكونها الشاهدة والمعاينة للظرف الزماني والموقف المكاني للحادثة والفجيعة الكبرى التي ألمت به في كربلاء؟!!.

▪️ الوقفة السابعة: أن البعد العاطفي في القضية الحسينية يعتبر بعداً استراتيجياً، فمصيبة الإمام الحسين(ع) عَبرة وعِبرة، وهذا ماجعل الإمام الحسين(ع) يتعمد استخدام الإثارة العاطفية ورفع شعار المظلومية أولاً، لكون البعد العاطفي سر إلهي ضمن استمرارية وتجدد مصاب الإمام الحسين (ع) في كل زمان، لذلك نجد ملايين من البشر يستشعرون هذا المصاب المفجع بوجدانهم وعواطفهم، فتبقى ديمومة التفاعل المستمر مع القضية الحسينية حاضرة ومستمرة حتى يومنا هذا، لذلك كان شعار ومنهج السيدة زينب (ع) في كل محفل إظهار هذا المستوى من البعد العاطفي بالكيفية التي تناسب كل موقف وهذا مايدلل عليه قول النبي (ص): إن لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد ابداً، والله العالم.

▪️ الوقفة الثامنة: أن سيرة أهل البيت(ع) تعمدت استخدام الإثارة العاطفية ورفع شعار المظلومية لقضية الإمام الحسين(ع) قبل حدوثها وبعد حدوثها، فاعتقادنا أن المتتبع لسيرة السيدة زينب(ع) لم تخرج وتنفك عن ذلك المنهج ؛ بل مثلت صوتاً ممتداً صارخاً لكربلاء وما بعدها، حيث ركزت على إيصال صوت مظلومية الإمام الحسين(ع) للبشر بأسلوب عاطفي فريد ومنقطع النظير لذلك ليس مستبعداً أن تجتهد في سلوكها في التعبير عن حالة الجزع التي تناسب تلك المصيبة العظمى، والله العالم.

▪️ الوقفة التاسعة مع مفردة الجزع التي تقابل مفردة الصبر، فالصبر له دلالات وسلوكيات تدل على من يتحلى بها، كذلك الجزع له دلالات وسلوكيات دلالة على من وصل إليها، من هنا فالجزع هو إظهار الحُزْنَ والكدرَ، والتي تقابل حالة الصبر في قوله تعالى: سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا، فحالة الجزع تظهر في سلوكيات تدل على مستوى الحدث والمصيبة التي حلت بالإنسان، فإذا كانت مصيبة سيد الشهداء (ع) هي اكبر المصائب التي عرفها التاريخ، فلا بد أن يكون سلوك الجزع بمستوى المصيبة الكبرى التي تجزع من أجلها، وهو منهج يُتبع في السياسات في الوسائل الإعلامية من خلال نشر ما يثير المشاعر والأحاسيس التي تكسبهم التعاطف مع قضاياهم لاسيما الإنسانية منها، والله العالم.

▪️ الوقفة العاشرة: تتعلق بمستوى السلوكيات التي تواكب حالة الجزع المرتبطة بنوعية وشدة المصيبة، فبعيداً عن مفهوم القياس، فالقرآن الكريم بين لنا كيف وصل النبي يعقوب(ع) إلى حالة من الجزع على ابنه الغائب النبي يوسف (ع) فعبر الله عن ذلك: {وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ}، فّإذا كان نبي الله وصل إلى هذا المستوى من الجزع لكون ابنه غائب عنه، فما حال الجزع المطلوب إظهاره وسلوكه بحيث يتواكب مع حجم المصيبة الكبرى في مقتل الإمام الحسين (ع) بتلك الصورة البشعة؟، والله العالم.

▪️ الوقفة الحادية عشر: هناك اعتقاد بعدم وجود تنافي بين وصية الإمام الحسين (ع) لأخته السيدة زينب (ع) بالصبر والتجلد عند مقتله، لأنها ستكون في موقع القيادة عن الإمام بعد مقتله خاصة في ظل مرض الإمام زين العابدين(ع) لذا أوصاها بذلك، فحالة الصبر لا تتنافى في الأصل مع قضية إظهار الجزع على مصاب سيد الشهداء(ع) بعد خروجها من كربلاء، خاصة اذا نُظر إلى سلوك الجزع -إن صدر منها هو في الأصل رسالة لغيرها لكيفية التفاعل مع هول المصيبة الكبرى التي حلت في كربلاء، وليس تعبيراً عن التخلي عن حالة الصبر، والله العالم.

▪️ الوقفة الثانية عشر: أن البعض يقول أن الرواية المذكورة في قضية ضرب المحمل -إن صحت- منافية لما ورد من أن السيدة زينب (ع) أنها بسطت يديها تحت جسد الحسين (ع) ورفعته نحو السماء، وقالت: (إلهي تقبَّل منَّا هذا القربان)، فالسؤال المهم في هذا الجانب: لماذا لم يمنع الله نبي الله يعقوب (ع) من البكاء على ابنه بذلك المستوى من البكاء والحزن إذا كان ذلك منافياً لحالة الصبر والتجلد، فكثرة بكاءه لأكثر من ثلاثين سنة دلالة على عدم تفويض أمره لله وهو يعلم أنه حي لم يمت؟!! كذلك الحال ينطبق على سلوك السيدة زينب (ع) في رفع جسد أخيها وتفويض الأمر لله -مع الأخذ في عين الاعتبار الاختلاف بين نوعية الشخصيات والأحداث، فتفويض السيدة زينب (ع) لأمر الله في مقتل الإمام الحسين (ع) الذي عبرت فيه بذلك السلوك لايتنافى مطلقاً مع إظهارها لحالة الجزع لمصيبته العظمى، والله العالم.

▪️ الوقفة الثالثة عشر: متعلقة بشخصية وقيادة السيدة زينب (ع) للركب الحسيني، ففاجعة الإمام الحسين(ع) لم تكن بحاجة إلى إنسان يقرأ نصاً ويستنبط حكماً شرعياً ؛ بقدر حاجتها إلى إنسان أعلى من هذه المرتبة والمكانة، بمعنى أدق كانت كربلاء بحاجة إلى إنسان استثنائي تتمتع بشخصية متكاملة محاطة بذكاء وفطنة متناهيتين كالسيدة الحوراء (ع)، بحيث لا يحتاج إلا إلى إشارة من الإمام المعصوم فتقوم مباشرة بترجمتها بلسانها و موقفها وسلوكها، فلا ضير أن تكون السيدة زينب (ع) في موضع الاجتهاد وهي العالمة غير المعلمة في تعاطيها مع فاجعة أخيها بمستوى مناسب من الجزع الذي عبر عنه أنها نطحت جبينها بمقدم المحمل، والله العالم.

▪️ الوقفة الرابعة عشر: إذا عبرت كل الموجودات عن تفاعلها وجزعها الكوني لمقتل الإمام الحسين(ع)، وهذا ما روى ابن حجر والطبراني في المعجم الكبير بقولهما: ما رفع حجر ولا مدر إلا وُجد تحته دم عبيط، وبكت السماء عليه دماً عبيطاً، وينوح الإمام زين العابدين(ع) اختياراً ثلاث وثلاثين سنة على مصيبته، وتقيم السيدة زينب (ع) والأئمة الهداة مآتم النوح والبكاء عليه، وينشد دعبل الخزاعي بلطم الخد على وجه فاطم (ع) على مصابه ولم يُعترض عليه، ويأمر أئمة أهل البيت(ع) شيعتهم بإقامة شعائره من أجل تجديد مصابه، ويُعبر قائم مهدي آل محمد(ع) أنه يبكيه دماً حزناً على فجيعته، ثم تمتنع عالمة كالسيدة زينب (ع) من التفاعل مع توأم روحها ومهجة فؤادها وهي تراه بأم عينها جسماً عرياناً مقطعاً بلا رأس فلا تعبر عن جزعها عليه !! والله العالم.

▪️ الوقفة الخامسة عشر: على افتراض أن رواية ضرب المحمل صحيحة السند والمصدر، ستجد المعترضين لمثل هذه القضايا من يبررون تلك الحادثة بأنها تفاعل آني وليس مستمراً، بحيث يبعدون توظيف مثل هذه الحادثة في قضية الجزع على الإمام الحسين(ع).

▪️ الوقفة السادسة عشر: استوقفتني عبارة دقيقة من زعيم الحوزة العلمية في قم المرجع آية الله الشيخ الوحيد الخرساني أدام الله ظله الوارف في إحدى محاضراته حيث ينقل عنه: إن كل مظاهر العزاء ومع كل هذه المواكب وتلك الهيئات لا تعد شيئاً في مقابل عظمة المصيبة... مهما عظمت طرق العزاء فلا تظنوا أنها تتناسب مع المصيبة، لو احترقت الدنيا لهذه المصيبة فلن تبلغ عظمتها!! فهذه كلمة ثمينة تحتاج من التحليل والتأمل الشيء الكثير، بحيث أن الشعائر الحسينية التي نراها في مصيبة سيد الشهداء (ع) لا تعدو شيئاً يذكر، والله العالم.

▪️ الوقفة السابعة عشر: أمام حالة الجزع على سيد الشهداء (ع): هل يستطيع أحد كأن من كان أن يؤطر مستوى ونوعية فتوى الجزع على مصاب الإمام الحسين(ع) التي جاءت على لسان الإمام جعفر الصادق (ع) حتى مع وجود الكم الهائل من الفتاوى من مراجع الدين، وهل كانت السيدة زينب (ع) قاصرة عن معرفة حدود ذلك الجزع، وكيفية إظهاره وتوظيفه؟ والله العالم.

▪️ الوقفة الثامنة عشر: البعض يقرأ قضية الإمام الحسين (ع) ببعدها الإنساني والاجتماعي والسياسي والكوني والعقائدي والقرآني، لكن تتفاجئ أن كل من قرأ قضية الإمام الحسين(ع) من علماء ومفكرين منذ ذلك الزمن حتى يومنا هذا بأبعادها المتنوعة لم يصلوا إلى لب حقيقتها وجوهر سرها، فسرها وحقيقتها مكنون إلهي لا يعرفها إلا الله، وأهله المؤتمنين عليه، وسيظل السؤال المحير أمامنا: لم كربلاء، ولماذا صنع الإمام الحسين(ع) ذلك دون غيره؟ والله العالم.

▪️ الوقفة الأخيرة: كربلاء فلم سينمائي مفجع بطله الإمام الحسين(ع).. فِلمٌ لم ولن يتكرر عرضه مرة أخرى على كوكب الأرض، أنه الفلم المفجع الذي لو أطلع على حقيقته عموم البشرية لخرجوا من صبرهم ووصلوا إلى قمة جزعهم، باستثناء إمام متخفي بينهم يرى سيناريو تفاصيله المفجعة مرتين في اليوم، يُسمع منه صوت الحنين والعويل على جده الذبيح.. فهل نعجب أن يعبر عن جزعه عليه بأن يبكيه دماً بدل الدموع؟ !!.

* القطيف – الأوجام

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق