q

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين الأبرار المنتجبين، ولا حول ولا قوه إلا بالله العلي العظيم

 قال الإمام الصادق (عليه السلام): «ان الرجل ليخرج الى قبر الحسين (عليه السلام) فله إذا خرج من اهله بأول خطوة مغفرة ذنوبه، ثم لم يزل يقدس بكل خطوة حتى يأتيه، فإذا اتاه ناجاه الله تعالى فقال: عبدي سلني اعطك، ادعني اجبك، اطلب مني اعطك، سلني حاجة اقضها لك، وقال أبو عبد الله (عليه السلام): وحق على الله ان يعطي ما بذل». (كامل الزيارات)

 على مدار العام يتوافد الملايين من اتباع اهل البيت عليهم السلام ومحبيهم من داخل العراق وخارجه لزيارة العتبات المقدسة في النجف وكربلاء والكاظمية وسامراء، ومناطق أخرى فيها عدد من الاضرحة لأهل البيت عليهم السلام..

هذه الزيارات لها دلالات كثيرة، عقائدية وثقافية واجتماعية وسياسية، وتعتبر من اهم الشعائر الدالة على الهوية الشيعية.

فمنذ الامام زين العابدين (عليه السلام) وصاعدا، كان الائمة يحثون شيعتهم على زيارة قبر الامام الحسين (عليه السلام) وهي دعوة كانت تحمل ملامح فكرية وسياسية واضحة إضافة الى ما تحمله من بعد ديني، فكانت زيارة الامام الحسين (عليه السلام) تحمل عنوان الولاء لأهل البيت واحقيتهم، وتستبطن معارضة لمن سار على نهج الامويين ومن جاء بعدهم في استهدافهم لأهل البيت، الذين كانوا يمثلون القيادة البديلة المؤسسة على ثقافة وشرعية مختلفة.

لقد أدت زيارة الأربعين منذ انبثاقها وحتى الان وستؤدي ذلك في المستقبل، وظيفتها الأساسية، وهي المحافظة على التواصل وتجديد العهد بين الشيعة والامام الحسين (عليه السلام).

ان لزيارة الأربعين دور مهم في تحريك الجماهير للأهداف السامية التي مثلها الامام الحسين (عليه السلام) وثار من أجلها وهي قيم الايمان والحرية والعدالة والانسانية.. لذلك نحتاج الى أن تكون الزيارة عملاً ثقافياً توجيهياً وتوعوياً لإرشاد الناس واستثمار العواطف الجياشة لتعريفهم بكل تلك القيم. فماهي الأدوار والمسؤوليات التي تقوم بها أصناف متعددة من المجتمع في مثل هذه الزيارات، وخصوصا زيارة الأربعين.

أدوار ومسؤوليات الحوزات الدينية:

1- التأكيد على استقلالية الحوزات الدينية، فالحوزات الدينية هي النموذج الذي تقتدي به الجماهير الشيعية في رفضها للاستبداد وتمسكها بالحرية والتعددية ورسالة الحقوق والدفاع عن المظلومين.

2- للحوزات العلمية دور كبير في بناء التضامن الاجتماعي المستدام من خلال خلق التواصل بين كافة فئات المجتمع وبناء الحالة الاستشارية والتكامل بين مختلف المؤسسات المنتمية للحوزات العلمية.

3- للحوزات العلمية دور كبير في التشجيع على تأسيس المنظمات والمؤسسات والهيئات التي تستطيع ان تحول الفعل الشيعي الى حالة اجتماعية فعالة في مواجهة التحديات السياسية والارهابية، خاصة في مجال تأسيس المنظمات الحقوقية وجماعات الضغط.

أدوار ومسؤوليات منظمات المجتمع المدني:

1- الاستفادة من هذه المناسبة عبر التحرك على المجموعات الشيعية (مواكب–هيئات) وتشجيعها على العمل التطوعي الذي يجب ان يمتد على طيلة ايام العام في مناطقهم وترسيخه كثقافة عامة مستدامة داخل الوسط الشيعي.

2- العمل على اثارة انتباه التجمعات الشيعية الغفيرة تجاه القضايا والتحديات الملحة التي تواجههم من اجل بلورة موقف موحد ينطلق من مبادئ وقيم النهضة الحسينية.

3- تشجيع ممارسة جمع التواقيع للمشاركين في مراسم الزيارة تجاه قضية آنية حاضرة (قانونية – سياسية–اجتماعية) وخلق رأي عام ضاغط اتجاه السلطات في اي مكان تستهدفهم مثل هذه التواقيع، وهي مايعبر عنه بالمطالبات الجماهيرية، وجعلها طريقة عمل للتحرك نحو اي قضية اخرى في باقي الايام العادية.

4- تأسيس مراكز دراسات واستطلاع رأي من اجل دراسة الظواهر الاجتماعية المتميزة المنبثقة من زيارة الأربعين من اجل استثمارها لخدمة القضية الحسينية وخلق التطور الاجتماعي المستدام، والاستجابة للتحديات المعاصرة.

أدوار ومسؤوليات الاعلام الشيعي:

1- العمل على تنويع البرامج التي تقدمها الفضائيات الشيعية في هذه المناسبة، وربط التاريخ العظيم المشبع بقيم الكرامة والتحرر بحاضر الشيعة ومستقبلهم.

2- الابتعاد عن الخطابات التحريضية او المستفزة للآخرين، واعتماد خطاب اللين والمسالمة والمحبة.

3- انتاج البرامج الحوارية والوثائقية وبأكثر من لغة عالمية، والتأكيد على مفردات يفهمها المتحدثون بتلك اللغات وتتناسب وطبيعة مجتمعاتهم الثقافية، وفتح أبواب الحوار الحضاري مع مختلف الجماعات الأخرى للتعريف بقيم اهل البيت عليهم السلام العظيمة.

4- خلق روح التكامل بين المؤسسات الإعلامية والفكرية من اجل بناء اعلام عالمي مقتدر ومحترف.

أدوار ومسؤوليات الشباب:

1- التشجيع على التوعية الثقافية وتنشيط العمل الثقافي في الجامعات والمعاهد والتجمعات الطلابية الاخرى، من خلال معارض الكتاب، والمسرحيات، والاناشيد، وإقامة المعارض الفنية، وتأسيس الاذاعات السيارة، وبث الرسائل الانسانية والتوجيهية للتعريف بجميع القيم التي استشهد الحسين (عليه السلام) من اجلها.

2- الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي في شبكة الانترنت، وكذلك المنتديات الافتراضية المتنوعة، في نقل الحماس الشبابي وقيم البناء الأخلاقي الرصين والعقائد الاصيلة الى الاخرين.

3- التشجيع على ممارسات البذل والعطاء الإنساني والعمل الطوعي في نفوس الشباب، من اجل البناء روح التضحية والتكافل خاصة في مجال خدمة زوار الامام الحسين عليه السلام ودعم مقاتلي الحشد الشعبي في قتالهم لداعش وغيرها من الفصائل الارهابية.

4- عقد المؤتمرات والملتقيات الشبابية من اجل مناقشة مشكلاتهم وخلق الروح الحماسية من اجل التنمية والتطور وبناء المسؤولية الحضارية، وبرعاية ومشاركة الحوزات العلمية ومنظمات المجتمع المدني والهيئات الاجتماعية.

قال الامام موسى بن جعفر عليهما السلام: أدنى ما يُثاب به زائر الحسين عليه السلام بشطّ الفُرات إذا عَرَفَ بحقّه وحُرمَتِه ووِلايتِه أن يُغْفَرَ له ما تَقَدّم من ذَنْبِه وما تأخّر». (كامل الزيارات)

مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث

..............................................
مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث:
http://shrsc.com
[email protected]
[email protected]
واتساب: 009647902409092

 

اضف تعليق