q
ملفات - عاشوراء

وِرطَةُ عاشُوراء

عْاشُورْاءُ السَّنَةُ التَّاسِعةُ (٦)

وعندما قُتلَ الحُسين السِّبط (ع) قالُوا، الذَّنبُ ذنبهُ فلقد نصحناهُ ولم يأخُذ بنصيحتِنا! ولذلكَ [فقد قُتلَ بسيفِ جدِّهِ] ثُمَّ بذلُوا كُلَّ جهودهِم واستنفرُوا كُلَّ إِعلامهِم واستأجرُوا كُلَّ وُعَّاظ السَّلاطين لتبريرِ جريمةِ طاغيةِ الشَّام إِبنَ الطُّلقاء يزيد وسعيهِم لرميِ المسؤُوليَّة على أَيٍّ كانَ إلا [الخليفة] القائِد العام للقوَّات المُسلَّحة...

لقد ورَّطنا الحُسين! إُنَّهُ يبغي الفِتنةَ في الأُمَّة! ويريدُ شقَّ عصا المسلمين! وهو يسعى ليدُبَّ الخلافَ في المُجتمعِ! إِنَّهُ يريدُ السُّلطة ويُقاتِلُ من أَجلِها! هو يتستَّر بالدِّين للتمرُّد على [الخليفةِ]!.

لماذا لا يدخلُ بما دخلَ بهِ الناس من بيعةِ [أَميرِ المُؤمنينَ]؟! إِنَّ مُشكلتهُ شخصيَّة! وهي بين أَبناء العم فلماذا يورد الأُمَّةَ بها؟!.

النَّاسَ تُريدُ أَن تعيشَ حياتِها وتتمتَّع بيَومِها والحُسينُ يريدُ أَن يقودها للهلاكِ مِن خلالِ قيادةِ تمرُّدٍ ضدَّ ا[لخليفة الشَّرعي] وهو أَمرٌ يشوِّشُ على الشَّارع ويقطع أَرزاق النَّاس! ويُخرِّب دينهُم وعقيدتهُم!.

وعندما قُتلَ الحُسين السِّبط (ع) قالُوا، الذَّنبُ ذنبهُ فلقد نصحناهُ ولم يأخُذ بنصيحتِنا! ولذلكَ [فقد قُتلَ بسيفِ جدِّهِ]!.

ثُمَّ بذلُوا كُلَّ جهودهِم واستنفرُوا كُلَّ إِعلامهِم واستأجرُوا كُلَّ وُعَّاظ السَّلاطين لتبريرِ جريمةِ طاغيةِ الشَّام إِبنَ الطُّلقاء يزيد وسعيهِم لرميِ المسؤُوليَّة على أَيٍّ كانَ إلا [الخليفة] القائِد العام للقوَّات المُسلَّحة!.

هذهِ التُّهم وأَمثالها يثيرُها عادةً ثلاثة أَنواع من النَّاس بوجهِ كُلِّ مَن يسعى للإِصلاحِ ويُحاولُ تغييرِ الواقعِ المُتردِّي للأُمَّة؛

أ/ المستفيدُونَ من عطاءاتُ الطَّاغية والسُّلطة الغاشِمة والحزبِ الفاسد والواقعِ المتردِّي.

ب/ الخائفُونَ والجُبناءَ المتذمِّرُونَ من الوضعِ القائمِ لكنَّهم على غَيرِ استعدادٍ لتحريكِ ساكنٍ من أَجلِ الإِصلاحِ والتَّغييرِ، وفي نفسِ الوقتِ فإِنَّهم يرفضُونَ أَن يتحرَّك غيرهُم من أَجلِ الإِصلاحِ والتَّغييرِ.

ج/ المُنافقُونَ والمتقلِّبونَ الذينَ يميلُونَ مع كفَّةِ القويِّ بغضِّ النَّظرِ عمَّا إِذا كانَ على حقٍّ أَم على باطلٍ.

ولو خرجَ الحُسين السِّبط (ع) اليَوم ضدَّ الطُّغمةِ الحاكِمةِ الفاسِدةِ والفاشلةِ لسمِعنا نفسَ التُّهم والإِفتراءات على لسانِ أَبواقِ الفاسدينَ وذيولِ الفاشلين؛

- الفتنةُ نائِمةٌ فلماذا يسعى لإِيقاظها؟!.

- لماذا يستهدف بحركتهِ شيعةَ السُّلطة فقط؟! فهل هُم وحدهُم فاسدُونَ وفاشلُونَ؟! أَوليسَ الحكمُ بيدِ [شيعتهِ] فلماذا يُريدُ إِضعافهُ؟!.

- إِنَّهُ يريدُ إِشعال نار الحرب الشيعيَّة الشيعيَّة! والحرب الأَهليَّة.

- وقد يتطرَّف آخرُون فيتَّهمُونَ الثَّائر المُصلح بالعمالةِ للأَجنبي وأَنَّهُ يُنفِّذ أَجندات خارجيَّة تُحيكها قوى عالميَّة وهي نفسها التي لم تدَع [شيعة السُّلطة] تنفذَ مشاريعِها التنمويَّة في وسطِ وجنوبِ البِلادِ كونَهُم [شيعةُ عليٍّ]!.

وعلى نفسِ المِنوال وردَ في كتُبِنا المُعتبرة أَنَّهُ عندما تشاء إِرادة السَّماء أَن يظهر الإِمام المُصلح المُنتظر [عجَّ] سيقولُ لهُ [شيعة السُّلطة] [يا ابنَ بنتِ رسولِ الله (ص) لا حاجةَ لنا فيكَ، نحنُ بخَيرٍ، عدُ من حيثُ جِئتَ!.

وهُم أَنفسهُم الذين ظلُّوا يخدعُونَ النَّاسَ بقراءتهِم دُعاء الفرج صباحَ مساء! ولكن عندما يجدَّ الجِد وتشاء الإِرادة والحِكمة الإِلهيَّة تراهُم أَوَّل المُعترضِينَ لأَنَّ الظُّهورَ المُقدَّس يتعارض ومصالحهُم ويُنهي نفوذهُم.

إِنَّ حالةَ النِّفاق التي تلُفَّ واقعنا [الشِّيعي] المُزري تُؤَكِّد بأَنَّ [شيعة السُّلطة] سيعتقلُونَ الحُسين السِّبط (ع) إِذا خرجَ اليَوم [مُصلِحاً] على الفاسدينَ والفاشلينَ تُجَّار الدَّم والعِرض والأَرض والدِّين والمَذهب والمُقدَّسات بتُهَمٍ شتَّى مِثل؛

- إِزعاج الرَّأي العام.

- التَّحريض على الشَّغب.

- قطعِ أَرزاق النَّاس.

- الطَّعن بالذَّات المُقدَّسة للرَّئيس والزَّعيم والقائِد الضَّرورة.

- التَّآمُر على سُلطةِ الأَغلبيَّة.

- التَّجاوُز على الدُّستور والقانُون وقرارات المحكمة الإِتِّحاديَّة.

- إِضعافُ النِّظام الديمقراطي وبالتَّالي تجاوزهُ على [حُكمِ الشَّعب]!.

فلا غرابةَ!.

لقد كانَ رسولُ الله (ص) الصَّادق الأَمين في مُجتمعِ مكَّة وحلَّال مشاكل [الكِبار] كُلَّما اختلفُوا لرجاحةِ عقلهِ وشدَّةِ حِكمتهِ، لكنَّهُ مُتَّهم بالكذِبِ والجنُون وقَول الشِّعر وكتابةِ القُرآن الكريم بيدهِ [والعِياذُ بالله] لحظة أَن نزلَ عليهِ وحيَ السِّماء لحملِ رسالةِ الله تعالى.

ولقد أَشارت السَّماء إِلى هذهِ التُّهم الظَّالِمة وردَّت عليها بقولهِ عزَّ وجلَّ {وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍۢ} {وَمَا كَانَ هَـٰذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَىٰ مِن دُونِ اللَّهِ وَلَـٰكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ} {وَمَا عَلَّمْنَٰهُ ٱلشِّعْرَ وَمَا يَنۢبَغِى لَهُۥٓ ۚ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْءَانٌ مُّبِينٌ} {وَقَالُوٓاْ أَسَٰطِيرُ ٱلْأَوَّلِينَ ٱكْتَتَبَهَا فَهِىَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}.

أَمَّا أَميرُ المُؤمنينَ (ع) فبمجرَّد أَن اعتلى سِدَّة السُّلطة وقرَّرَ أَن يُصلح ما أَفسدهُ مَن كانَ قبلهُ ليبني دَولة المُواطنة الخالية من كُلِّ أَنواع الظُّلم والعصبيَّة والتَّمييز والفساد المالي والإِداري إِذا بكبارِ [الصَّحابة] يتصدُّونَ لهُ فاعتبرهُ بعضهُم إِنَّهُ مثالي زائِد عن حدِّهِ، وآخرُون كفَّروهُ، فيما قتلهُ آخرُونَ بالعصيانِ حتَّى قالَ {لَقَدْ مَلَأْتُمْ قَلْبِي قَيْحاً وَشَحَنْتُمْ صَدْرِي غَيْظاً وَجَرَّعْتُمُونِي نُغَبَ التَّهْمَامِ أَنْفَاساً وَأَفْسَدْتُمْ عَلَيَّ رَأْيِي بِالْعِصْيَانِ وَالْخِذْلَانِ حَتَّى لَقَدْ قَالَتْ قُرَيْشٌ إِنَّ ابْنَ أَبِي طَالِبٍ رَجُلٌ شُجَاعٌ وَلَكِنْ لَا عِلْمَ لَهُ بِالْحَرْبِ لِلَّهِ أَبُوهُمْ وَهَلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَشَدُّ لَهَا مِرَاساً وَأَقْدَمُ فِيهَا مَقَاماً مِنِّي لَقَدْ نَهَضْتُ فِيهَا وَمَا بَلَغْتُ الْعِشْرِينَ وَهَا أَنَا ذَا قَدْ ذَرَّفْتُ عَلَى السِّتِّينَ وَلَكِنْ لَا رَأْيَ لِمَنْ لَا يُطَاعُ} قبلَ أَن يقتلُوهُ بالسَّيف في محرابِ مسجدِ الكُوفة!.

ولم يشذُّ الحُسين السِّبط (ع) عن كُلِّ ذلكَ فلقد اتهمُوهُ، كما أَسلفنا، وشكَّكُوا بهِ وبمنطلقاتهِ وأَهدافهِ وخذلُوهُ وانفضُّوا من حولهِ قبلَ أَن يقتلوهُ في كربلاء في عاشُوراء.

فلا تستغرب، أَيُّها المُصلح، إِذا شنَّ عليكَ الذُّباب الأَليكتروني التَّابع للفاسدينَ والفاشلينَ غارات التُّهم الظالِمة والتَّسقيط والتعرَّض لكَ بلُغةِ الشَّارع عندما تتصدَّى للإِصلاحِ والتَّغييرِ ولو بشقِّ كلمةٍ، بل العكس هوَ الصَّحيح فإِذا تركُوكَ وشأنكَ ولم يُعيرُوكَ أَهميَّةً ولم يكترِثُوا بكَ وبمشرُوعِكَ فهذا يعني أَنَّكَ لستَ مُؤَثِّراً في السَّاحةِ وأَنَّك في الهامشِ لذلكَ لم يحسُّوا بما تقولُ وتكتبُ وتسعى إِليهِ!.

اضف تعليق