q
ما نعاني منه اليوم من مشاكل يصعب حلها هو نتيجة عدم الوعي بالمسؤولية او التخلي عنها، بينما من اهم مرتكزات الدين الإسلامي هو اشعار المسلمين بالمسؤولية، وهو ما أكدت عليه النهضة الحسينية، وما تحمله من رسائل تحي الوجدان وتجديد هذا المبدأ الذي يعتبر الدواء الوحيد...

كلف الله تعالى البشرية بجملة من الواجبات وحملهم مسؤولية التصرفات الصادرة عنهم، وكمل هذا التكليف قول النبي الاكرم عليه واهل بيته الصلاة والسلام حيث قال "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"، وهو بذلك أسس للفكر الحسيني الذي زرع مبدأ التضحية وتحمل المسؤولية في المجتمع الإسلامي عبر النهضة والقضية الخالدة.

القضية العاشورائية لم تمر على الامة دون ان تترك اثرا بالغا في نفوس افرادها، فقد زرعت ثقافة تحمل المسؤولية ووضعت من اجل تدعيمها في المجتمع مقاييس عدة، فقد وضعت العرف السليم وقواعد تحمل المسؤولية وبثها بين الأمم، للوصول الى شاطئ الأمان المنشود.

ما كان سائدا آنذاك ابان الحكم الاموي والانحرافات الفكرية والأخلاقية، جعل الامة تأن من حجم التفكك الذي عصف بها، وهو ما يشكل المحرك الأساس للثورة الحسينية الوضاءة، فالحسين عليه السلام شعر بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه وخرج لتأدية الواجب الشرعي وهو الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي ساد في المجتمعات العربية في حينها، اذ يقول تعالى: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ}.

ويعرف غريب كربلاء مدى تعلق الامر الإصلاحي فيه وما يجب عليه القيام به، لذلك بزغت شمس الحكمة، وبانت ملامح النهضة التقويمية التي خُطت بدماء خير الناس اما وابا، انطلاقا من المسؤولية الفردية التي يجب ان يتحملها الناس سواسية ولا يمكن التخلي عنها في اشد الظروف، وهو ما جسده الامام الحسين حين تصدى لمسؤولية ومهمة الإصلاح في عاشوراء.

وفي هذا المضمون جاءت كلمة الامام الحسين عليه السلام، "وأَنِّي لَمْ‏ أَخْرُجْ‏ أَشِراً ولَا بَطِراً ولَا مُفْسِداً ولَا ظَالِماً وإِنَّمَا خَرَجْتُ لِطَلَبِ الْإِصْلَاحِ فِي أُمَّةِ جَدِّي ص أُرِيدُ أَنْ آمُرَ بِالْمَعْرُوفِ وأَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وأَسِيرَ بِسِيرَةِ جَدِّي وأَبِ"

مسؤولية الفرد تجاه المجتمع

تقع على الفرد مسؤولية تجاه المجتمع الذي يعيش فيه ويتفاعل معه، وما يجب معرفته هو حجم هذه المسؤولية، ودوره في الثورة على واقعه المرير، فلا يمكن ان تتحرك عجلة الإصلاح والتغيير لوحدها دون الدفع بها من قبل الافراد، فلكل فرد موقع خاص به يتصدى من خلاله للمسؤولية ويقدم عبره مساهمته في التوعية المجتمعية للقضاء على حالات عدم الاهتمام والتنصل من المسؤولية وشيوع ظاهرة الانهزام في اول جولات المواجهة.

ولا يقل أهمية ما يجب القيام به الفرد تجاه المجتمع هو الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، فمن دواعي الخير والصلاح هو أداء الافراد لمهامهم ومعرفة تأدية واجباتهم، اذ يقع على عاتقهم مسؤولية احترام الجار وصون الأمانة، والالتزام بالقانون والتشريعات السماوية، فضلا عن الاهتمام بالعلم والحث على اتباعه ومواصلته بجميع اشكاله.

مسؤولية مواجهة الطاغوت

رسخ الامام الحسين عليه السلام وعبر ثورته مسؤولية التصدي للحكام الطواغيت الذين تمادوا بالتعدي على الافراد، وانتهاك الحقوق وسلبها دون مبرر سوى بدافع الرغبة في الاستيلاء على السلطة وانتهاك الحقوق والالتفاف على التشريعات السماوية والقوانين الوضعية، ومصداق ذلك هو رفع شعارات الإصلاح التي اطلاقها الامام حسين في عاشوراء من قبل المتظاهرين في تشرين، كما وضعوا الصورة امام تحركاتهم حاملة رمزية القيادة في مواجهة الظلم والاضطهاد.

ولأجل تحقيق هذه الغاية نصبح نحن الافراد امام مسؤولية كبيرة وهي اختيار الأشخاص الكفوئين في الانتخابات القادمة، فمن الصواب هو اختيار الشخوص الذين يحملون أفكارا تطوّر الواقع البائس الذي نعيشه، وتغيير مجريات الأمور نحو الأفضل، لا ان يكونوا شركاء في ضياع هذا البلد الذي يتوفر فيه من الإمكانات والطاقات المادية والبشرية ما لم يحظى به بلد من البلدان.

ما نعاني منه اليوم من مشاكل يصعب حلها هو نتيجة عدم الوعي بالمسؤولية او التخلي عنها، بينما من اهم مرتكزات الدين الإسلامي هو اشعار المسلمين بالمسؤولية، وهو ما أكدت عليه النهضة الحسينية، وما تحمله من رسائل تحي الوجدان وتجديد هذا المبدأ الذي يعتبر الدواء الوحيد، والاعراض عن تناوله يراكم الإخفاقات ويُمكّن العناصر المتربصة بالمجتمع وبالتالي تنهدر قيمة الفرد ويصبح خارج نطاق الإنسانية.

اضف تعليق