q
في هذه الايام يشاُع السلام والأمان والتواصل والتقارب، بل هي ظاهرة للتعايش السلمي بكل تفاصيلها نعيشها في هذه الايام، وعليه من الضروري أن يعيّ المسؤولين في الحكومة أهمية هذه المناسبة في تحقيق التعايش السلمي داخل النسيج الاجتماعي للبلد...

جرت العادة من قبل الدول أن تهتم بموضوع التنمية الاقتصادية في تطوير مجتمعاتها، الا أنه بمرور الزمن أكتشفت العديد من الدول في ان الأمر لايقتصر على رفع معدلات النمو الاقتصادي وزيادة الناتج المحلي وتخفيض البطالة ...الخ. بل إن هناك حاجة ماسة الى الاهتمام بتطوير المجتمعات ذاتها، وهذا لايتم الا من خلال التنمية الاجتماعية والتي يقصد بها ((تطور البشر في علاقاتهم المشتركة أي التوافق في العلاقات الاجتماعية، فتغير البناء الاجتماعي لايعنى شيئا بالنسبة له ما لم يحدث تغيير في طبيعة العلاقات الاجتماعية، ولهذا ينظر إلى التنمية الاجتماعية على أنها تنمية علاقات الإنسان المتبادلة)).

إذن فالتنمية الاجتماعية تهتم بتنمية العلاقات الانسانية داخل المجتمع ومن أهم أهدافها هو غرس القيم والاتجاهات الاجتماعية الإيجابية كالتعاون وأداء الواجب. ومن أجل تفعيل ذلك فليس هناك أفضل من شهر محرم خاصة الايام الخاصة بالعاشر من محرم وأيام زيارة الأربعين الخاصة بالأمام الحسين (عليه السلام)، اذ تشهد هذه الايام حالة من التفاعل الانساني في تقديم الخدمات المجانية وبشتى أنواعها من مأكل ومسكن وضيافة لمن يقدم لزيارة الأمام الحسين ومن شتى الطوائف والاعراق وبشكل يومي طلية هذه المدة.

وبالتالي علينا استثمار هذه الظاهرة الانسانية في سبيل تحقيق التنمية الاجتماعية في البلد، ففي هذه الايام يشاُع السلام والأمان والتواصل والتقارب، بل هي ظاهرة للتعايش السلمي بكل تفاصيلها نعيشها في هذه الايام، وعليه من الضروري أن يعيّ المسؤولين في الحكومة أهمية هذه المناسبة في تحقيق التعايش السلمي داخل النسيج الاجتماعي للبلد، وهذا ممكن من خلال الأتي:

1- العمل على تنظيم هذه المناسبة بالشكل الذي يبرز خصائها الايجابية بشكل أكبر من أجل نشر طقوسها ومايجري فيها الى كافة أنحاء البلد.

2- تشكيل هيئة عليا تعمل على استثمار هذه المناسبة أفضل استثمار ومن خلال عدم اقتصار المواكب الحسينية والاعمال الخاصة بها في كربلاء وعلى طرق الزائرين والقادمين لكربلاء، بل تشكل كل مناطق العراق بالكامل في هذه المناسبة، وعبر عمل مواكب وتكيات حسينية توزع تقدم الخدمات للنازحين والمهجرين الساكنين في المخيمات وكذلك الوصول الى كردستان العراق وتقديم هذه الخدمات الى كل مناطق العراق دون استثناء، حتى تتحول هذه الممارسة لا الى ظاهرة دينية وحسب وانما الى (ظاهرة وطنية).

3- ضرورة التأكيد على المشاركة المجتمعية ومن كافة الشرائح المجتمعية في هذه الايام وبشكل منظم واشاعة ثقافة السلام ونبذ العنف والتقارب بين الافكار والاديان والطوائف المختلفة، من خلال الاجواء والطقوس والممارسات التي تبرز أهمية هذه الفعاليات الانسانية والدينية.

4- زيادة مستوى التنسيق والتعاون مع كافة قطاعات وأجهزة الحكومة وبقية الطوائف والشرائح والمذاهب وعبر مؤسساتهم في التنسيق والتعاون من ثورة الحسين في تطوير الذات الانسانية واستلهام العبر من هذه الثورة فيما من شأنه توحيد الصفوف وزيادة التماسك وتقوية الروابط الاجتماعية.

5- العمل على استمراية طقوس عاشوراء وزيارة الاربعين الى ما بعد هذه المناسبة، وهو مايعرف بالاستمرارية، وهذا أمر مهم في تحقيق نجاح التنمية الاجتماعية، من خلال استمرار ونشر ثقافة الخدمة الاجتماعية وروح التعاون والعمل بين صفوف المجتمع العراقي وهو أمر يقع على مسؤولية الجميع دون استثناء.

6- تأسيس مجلس أو هيئة للتنمية الاجتماعية في كل محافظة تأخذ على عاتقها التخطيط السياسي والاقتصادي والاجتماعي والبرامج والخدمات المتنوعة وتوفر نوع من الوعي الاجتماعي وتقديم الخدمات الاجتماعية لخدمة المجتمع، سواء كانت خدمات مادية ملموسة أو خدمات معنوية محسوسة وتنمية الطاقات المبدعة وتشجيع المواهب الجديدة.

اضف تعليق