q
إننا نكون أكثر إنتاجية عندما نستمتع بعملنا، وخلاف ذلك يحدث العكس تماما، وهو ما لا ينفع في تحسين الإنتاجية، وعلى أرباب العمل سواء كانوا أفرادا أو شركات أو سواها، أن يساعدوا ويعملوا على تحقيق عنصر الاستمتاع والرغبة بالعمل لدى العاملين عندهم، وحتى أصحاب المشاريع الفردية عليهم أن يحبوا مشاريعهم قبل الشروع بها...

قد لا يدرك كثيرون منّا أن عملية إدارة الوقت تدرّ عليه الكثير من الربحية، ولا ينحصر ذلك في كثرة الانتاج وحده، ولا في جودة نوعيته، بل هناك مكاسب ليست مادية متعددة، يمكن أن يدلّنا عليها وقتنا الذي نديره بصورة صحيحة.

الإنتاجية تزداد مع ازدياد اهتمامنا بإدارته، وتنظيمه، هذا أمر مفروغ منه، حتى المهن الفردية غير المعقدة، ومنها تلك التي لا تتطلب مهارة عالية، تحتاج إلى توقيتات دقيقة، مثل بداية العمل، وعدد ساعاته، ومحطات الاستراحة إن وُجدت، والتهيّؤ لأوقات الذروة فيما يخص البيع، وتوقيت الانتهاء من العمل، فهذه التوقيتات مع مرور الزمن تصبح راسخة، وقد تتحول إلى حالة معتادة ليس لربّ العمل وحده وإنما لزبائنه أيضا.

الزبون غالبا ما يعرف توقيت فتح المحل (أيّا كان نوع مهنته، أو المنتجات التي يبيعها)، وفي الغالب يعرف متى يُغلَق، وبعضهم يعرف وقت الذروة كي يتفادى زحام الزبائن في ارتياده لهذا المتجر أو ذاك، وهكذا فإن الالتزام بتوقيتات عمل دقيقة، سوف تفرض نفسها مع تطور العمل، وينطبق هذا على مجالات أخرى.

أما المهن التي تتطلّب مهارة ولا يمكن لأي فرد القيام بها، فهذا النوع يحتاج إلى إدارة وقت أفضل وأكثر بكثير من المهن البسيطة أو العادية، إذ لا يقتصر تحسين الإنتاجية سواء في عمليات البيع، أو في الإنتاج السلعي على تنظيم وقتل العمل وإدارته بصورة جيدة فقط، وإنما هنالك عوامل أخر إذا رافقت العمل سوف تؤدي إلى مخرجات جيدة.

الإنتاج والتفاؤل النفسي

من هذه العوال الجانب النفسي للمنتِج، سواء كان عاملا أو مديرا أو بائعا، فكلما تحلى بأوضاع نفسية جيدة متفائلة، سوف ينعكس ذلك بصورة جيدة على إنتاجيته، فالوضع النفسي الجيد يحسّن من طريقة تعامل الإنسان مع تفاصيل عمله، وقد يدفع به إلى التعلق بهذا العمل والتفنن به والإبداع فيه، أو يحدث العكس، فإذا كان الالتزام النفسي للمنتِج غير سليم سوف تقل قدرته على إدارة عمله ووقته في نفس الوقت، وهو ما يؤدي بالنتيجة إلى فقدان إيجابيات كثيرة لا ينبغي فقدانها لأنها تقود إلى الخسارة وقلّة الانتاجية.

هذا يعني أن الوضع النفسي الجيد يؤدي إلى إنتاجية جيدة، لذلك يجب الحرص على تطوير الالتزام النفسي للمنتِج بغض النظر عن طبيعة عمله ودوره، والتدريب على هذا الجانب كي يمضي إلى أمام في قطف ثمار جهوده، وتركيزه على إدارة جيدة للوقت والعمل، ولابد من الانتباه إلى هذه النقطة، فتنظيم الوقت وإدارته لا تكفي للنجاح.

وهذا ما يكره مارك مانشيني في كتابه (إدارة الوقت)، حين يقول: الإنتاجية ليست مسألة عمل ووقت فحسب، فهي تشتمل أيضا على الالتزام النفسي).

كذلك لا يجب أن تتم عملية إدارة الوقت تحت دوافع إكراهية أو جبرية، إذ لابد أن يكون العمل منساب ومريح وبعيد عن الشعور بالضغوط والتحديدات والأوامر القطعية، نعم هنالك ضوابط لأداء العمل، وتوقيتات محددة ومعروفة، لكن من المهم أن يشعر العامل أو المنتِج بحريته وقدرته على الإبداع، وتمتعه بنوع من العفوية والارتياح أثناء العملية الإنتاجية.

كما عليه أن يتدرب بشكل طوعي توافقي على الالتزام بالتوقيتات التي ترتقي بالإنتاج، وأن يسعى دائما لإدارة وقته بما يحقق له استثمارا أمثل من حيث الاستفادة من الوقت، وترصّد الفرص المتاحة، أو التي تستجد أمام عينيه، وهي فرص كثيرة وممكنة أيضا.

إدارة الوقت وصناعة الفرص

هذا ما أكده مارك مانشيني أيضا حين قال: إذا أدرتَ وقتك يمكنك أن تنعم بمزيد من العفوية ويمكنك التعرف على الفرص غير المتوقعة لأجيالنا.

هناك نقطة مهمة تدخل في إطار تحسين الإنتاجية، وتتعلق بطبيعة العمل والطبيعة النفسية والسلوكية للعامل أو المنتِج بشكل عام، وهي تتعلق بمسألة علاقة العامل بعمله، وبمعنى أدق وأكثر وضوحا، (هل يحب عمله أثناء العملية الانتاجية أم أنه يؤديه دون ارتياح ولا استمتاع، وإنما يؤدي العمل كيفما اتفق ودون شعور بالانسجام أو الرضا أو القبول النفسي)، هذه العوامل لها أهمية كبيرة بتحسين انتاجية العامل بأنواعه وتعدد مهامه وأدواره.

لابد أن يكون هناك حرص على الاستمتاع بالعمل، فمن يكره عمله لن يبدع فيه، ولا يتمكن من تطويره أو تنويعه أو مضاعفته، أما في حال أدى ذلك العمل في إطار علاقة تقارب نفسي وشعوري وعملي، فإن النتائج سوف تكون باهرة، ومن الأفضل للعامل أو الإنسان بوجه العموم، أن يتجنب الأعمال التي يكرهها، لأنه لا يتطور ولا يُبدع فيها، لهذا هناك تركيز على أهمية العلاقة بين العامل والعمل، والمنتِج والمنتَج، وهنا سعي كبير لتوفير حالة من الانسجام للعمال أو الموظفين من أي نوع كان مع أعمالهم ووظائفهم.

وقد اختصر مارك مانشيني هذه النقطة في عدة كلمات حين قال (إننا نكون أكثر إنتاجية عندما نستمتع بعملنا)، وخلاف ذلك يحدث العكس تماما، وهو ما لا ينفع في تحسين الإنتاجية، وعلى أرباب العمل سواء كانوا أفرادا أو شركات أو سواها، أن يساعدوا ويعملوا على تحقيق عنصر الاستمتاع والرغبة بالعمل لدى العاملين عندهم، وحتى أصحاب المشاريع الفردية عليهم أن يحبوا مشاريعهم قبل الشروع بها.

حينها سوف تتحسن الإنتاجية بشكل ملحوظ، وسوف يتوافر عنصر الثقة بالنفس والإتقان، كمحصلة طبيعة لحب العمل، مع التركيز على الانتاج الأحسن كمّا ونوعا، حيث يؤكد مارك ماتشيني على أن الاستمتاع بالعمل يساعدنا كثيرا على التركيز (ولا يكون تفكيرنا مشتتا بالشعور بأننا يجب أن نعمل في شيء آخر).

اضف تعليق