q

بعد أسابيع قليلة من إعلان النصر وتحرير مدينة الموصل من سيطرة تنظيم داعش الارهابي، تستعد القوات العراقية المشتركة لتحرير مدينة تلعفر، التي تقع على بعد نحو 40 كيلومترا إلى الغرب من الموصل والتي ستكون المعركة الكبيرة القادمة ضد المتشددين، هذه المعركة اصبحت قريبة جدا، بعد تصريحات رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي عن إنهاء الاستعدادات العسكرية للجيش وقرب البدء في معركة داخل المدينة.

والعملية العسكرية في "تلعفر" بحسب بعض المراقبين واحدة من المعارك الهامة لاستعادة آخر تمركز لتنظيم داعش في الموصل، وتقدر مساحة تلعفر بـ28 كلم مربعًا، وتتمركز في المثلث الحدودي بين العراق وتركيا وسوريا، ويفصلها عن الحدود مع كل من الدولتين الأخيرتين حوالي 60 كلم. يبلغ عدد سكان تلعفر حوالي 300 ألف نسمة (طبقًا لإحصائيات رسمية صدرت عام 2012).

وتوقع قائد عمليات نينوى اللواء الركن نجم الجبوري أن تحقق القوات الأمنية انتصارا سهلا في المعركة القادمة لاستعادة تلعفر وتحريره من هيمنة كيان داعش الارهابي.. وقال الجبوري في ان معركة تلعفر ستكون معركة سهلة وغير معقدة، بسبب انهيار داعش بشكل كبير بالموصل فضلا عن كونه محاصر منذ فترة طويلة من قبل الحشد الشعبي، ويتلقى ضربات يوميا بواسطة الطائرات والصواريخ الموجهة..

وبين الجبوري إن المعركة ستكون بسيطة بالمقارنة بالقتال العنيف لاستعادة الموصل الذي استمر تسعة أشهر وكلف القوات العراقية الكثير، لافتا الى ان التقارير الاستخباراتية تشير انهيار معنويات الارهابيين الذين يحاولون الهروب من تلعفر بكل الوسائل.هذا وتعتبر تلعفر ثاني معقل لداعش في محافظة نينوى وتشير التقديرات الى وجود ألفي ارهابي فيه يعانون الإجهاد وانخفاض الروح المعنوية بعد تحرير مدينة الموصل بالكامل في العاشر من تموز الماضي.

من جانب اخر اعلن قائد سرايا الجهاد “احدى فصائل الحشد الشعبي” حسن الساري، قرب بدء عمليات تحرير قضاء تلعفر غرب مدينة الموصل، من عصابات داعش الإرهابية. وقال الساري، ان “تحرير قضاء تلعفر من عصابات داعش الإرهابية أصبح بحكم الامر الواقع، بعد ان تلقت داعش الارهابية ضربة قاصمة أفقدتها اهم مراكز الامداد والسيطرة التي كانت تستخدمها من خلال سيطرتها على المطار في إشارة لتحرير مطار تلعفر.

وأضاف، ان “الطريق اصبح اليوم سالكا لتحرير قضاء تلعفر بعد ان فقدت داعش اهم خطوط امدادها. وكانت قوات الحشد الشعبي، حررت مطار تلعفر وعدد من القرى والمناطق خلال تقدمها غرب مدينة الموصل، وطوقت قوات الحشد الشعبي ، قضاء تلعفر من الجهتين الجنوبية والغرب

الحشد وتحرير تلعفر

وفي هذا الشأن أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أن قوات الحشد الشعبي الشيعية سوف تشارك في عملية تحرير مدينة تلعفر الواقعة غرب الموصل بمحافظة نينوى، من قبضة عناصر تنظيم "داعش". وقال العبادي، في كلمة خلال برلمان العراق للشباب، إن "النصر سيبقى حليفا للعراقيين". وأضاف أن "العالم كله معجب بالنصر الذي حققه العراقيون لأنهم لم يتوقعوه بهذه السرعة وفي الظروف الصعبة التي يعيشها العراق وبالخطر الكبير الذي كانت تمثله العصابات الإرهابية"، وفقا لما نقله موقع رئيس الوزراء العراقي.

وأكد العبادي أن "فكر داعش كان خطيرا جدا، فقد استطاع التجنيد في أكثر من 100 دولة، وتحويل الشباب من وحدة إبداع إلى قتل أنفسهم وقتل الآخرين". وقال: "إننا في العراق واجهنا فكر داعش وانتصرنا عليه وعلى منظومة الرعب التي انتشرت في كل العالم ونحتاج إلى أن يكتب التاريخ هذا النصر الذي كتب بدماء وتضحيات العراقيين". وأضاف العبادي أن "إعادة قوة المؤسسة العسكرية كانت نتيجة عمل دؤوب وإعادة تأهيل، ولا نريد للفاسد أن يعود للقيادة مجددا في المؤسسة العسكرية، كما أننا نريد طبقة سياسية شبيهة بقادة الجيش في تسابقهم لهزيمة داعش". بحسب CNN.

ورأى رئيس الوزراء العراقي أنه يوجد "أشخاص أحزنهم الانتصار ويحاولون استغلال أي حدث لضرب قواتنا". وقال إن "تلعفر ستعود لجميع أبنائها وسيشارك الجيش والشرطة الاتحادية ومكافحة الإرهاب والحشد المحلي والشعبي في تحريرها". وأضاف: "ابن الجنوب حقق الوحدة الوطنية وتجاوز الطائفية والمناطقية وذهب لتحرير مناطق أخرى".

انتزاع تلعفر

على صعيد متصل تعد القوات العراقية العدة للزحف نحو مدينة تلعفر التي تبعد 40 كلم عن الموصل من جهة الغرب، وانتزاعها من قبضة داعش، وسط توقعات بأن يكون الانتصار فيها سهلا وسريعا. وقال قائد عمليات نينوى اللواء نجم الجبوري إن القوات العراقية المشتركة أنهت استعداداتها، وتنتظر الأوامر من القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء حيدر العبادي لتنفيذ الهجوم. وقدر القائد العسكري العراقي عدد عناصر داعش في تلعفر بنحو 1500 إلى 2000، يعانون الإجهاد ومعنويات "في الحضيض"، لا سيما بعد الضربة الموجعة التي تلقاها التنظيم في الموصل.

ورجح الجبوري أن تكون معركة تلعفر سهلة مقارنة بتلك التي خاضتها القوات العراقية في مدينة الموصل، فـ"العدو منهك بشكل كبير ومحاصر منذ فترة طويلة، ويتلقى ضربات يوميا بالليل وبالنهار"، سواء من قبل القوات الجوية العراقية أو التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة.

وحسب اللواء، فإن عوامل كثيرة تصب في صالح القوات العراقية، منها أن تضاريس المنطقة تسمح بتقدم الدبابات والمدرعات في عمق المدينة، فضلا عن أن عدد المدنيين داخلها قليل، ما يعني أن داعش لن يتمكن من اعتماد استراتيجية الاحتماء بالمدنيين لإبطاء تقدم القوات. وقطعت القوات العراقية كل الطرق بين الموصل وتلعفر هذا العام. وتحاصر القوات الكردية المدينة من الشمال، بينما تحاصرها قوات الحشد الشعبي من الجنوب.

وشهدت المدينة التي كان عدد سكانها قبل أن تسقط في قبضة تنظيم داعش 200 ألف نسمة موجات من العنف الطائفي بين السنة والشيعة بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003 وأفرز بعضا من أكبر قادة داعش. كما أصبحت محورا لصراع أوسع على النفوذ إذ ترفض تركيا، التي تقول إن لها ارتباطا بسكان تلعفر وأغلبهم من التركمان، مشاركة الفصائل الشيعية المسلحة التي تحارب مع القوات العراقية وتدعم إيران بعضها.

في اختلاف عن الموصل حيث احتجزت داعش مئات الآلاف رهائن لإبطاء تقدم القوات العراقية قال الجبوري إنه لا يزال هناك عدد قليل من المدنيين في تلعفر باستثناء عائلات المتشددين. وقال الجبوري إن من المتوقع أن تواجه القوات العراقية تفجيرات وقناصة وألغاما. وأضاف أنه على الرغم من أن المتشددين محاصرون فإنه لا توجد علامات على تناقص مخزوناتهم من الذخيرة.

وأضاف أن الكثير من التركمان الأعضاء بداعش من سكان تلعفر تمكنوا من الهرب بين المدنيين النازحين وفروا إلى تركيا حيث يمكن أن يندمجوا بين سكانها دون أن يلاحظ أحد. ويعتقد الجبوري أن بين المتشددين المتبقين الكثير من الأجانب من تركيا والجمهوريات السوفيتية السابقة وجنوب شرق آسيا ويقول إنهم محاصرون بعد أن قطعت القوات العراقية كل الطرق بين الموصل وتلعفر هذا العام.

وتحاصر القوات الكردية المدينة من الشمال بينما تحاصرها الفصائل الحشد الشعبي من الجنوب وهو ما أدى إلى نقص الغذاء والمياه. وشن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة غارات جوية داخل تلعفر وحولها مما مهد الطريق للقوات العراقية لتقتحم المدينة بعد أن تنظم صفوفها وتتعافى من معركة استعادة الموصل. وخارج تلعفر لا يزال تنظيم داعش مسيطرا على جيوب أخرى من الأرض بالعراق منها بلدة الحويجة والمنطقة المحيطة.

حين خفضت الولايات المتحدة وجود قواتها في شمال العراق بعد الغزو استغل مقاتلون سنة الفرصة واستولوا على معظم تلعفر عام 2005. واحتمى الجبوري الذي كان رئيسا لبلدية تلعفر في ذلك الوقت بقلعة عثمانية يرجع تاريخها إلى القرن السادس عشر كانت تهيمن على المدينة من على قمة تل في وسط المدينة في الوقت الذي هزمت فيه القوات العراقية والقوات الأمريكية بقيادة الكولونيل إتش.آر مكماستر المقاتلين. بحسب رويترز.

وتحقق الاستقرار في المدينة واعتبر نهج مكماستر مخططا أوليا لاستراتيجية ناجحة من أجل التصدي للمقاتلين لكن في السنوات التالية انزلقت تلعفر إلى العنف الطائفي مرة أخرى واكتسب المتشددون موطئ قدم من جديد. وقال الجبوري إنه اجتمع مع مكماستر الذي يشغل حاليا منصب مستشار الأمن القومي الأمريكي قبل نحو شهر وإنهما بحثا مسألة تلعفر وأضاف أن الوضع كان مختلفا مقارنا المعركة السابقة بالمعركة المستقبلية.

فرار قيادات داعش

في السياق ذاته كشف مصدر عسكري في الجيش العراقي، عن عمليات فرار باتت جماعية لعناصر تنظيم داعش من قضاء تلعفر، آخر معاقل التنظيم غرب الموصل . وقال المقدم حسين عماد لمراسلة (باسنيوز) ان ” المعلومات التي بحوزتنا تفيد بفرار 16 من ابرز قيادات داعش من القضاء خلال الايام الثلاثة الماضية ” . مضيفاً ، ان ” جميع هؤلاء من جنسيات عربية واجنبية ” . واشار المقدم حسين عماد ، الى ” وجود خلافات بين القياديين المحليين في التنظيم بقضاء تلعفر(70كم غرب الموصل) واقرانهم من العرب والاجانب الذين يتركون القضاء باتجاه الاراضي السورية ويدفعون مبالغ طائلة من اجل ذلك فيما عناصر داعش المحليين مطلوب منهم البقاء والقتال ” .

وكانت وزارة الدفاع العراقية، أعلنت عن تحديد مواعيد إنطلاق عمليات تحرير تلعفر ومناطق غربي الانبار ، مشيرة إلى أن الخطط والمعدات والقطعات العسكرية جاهزة لانطلاق العمليات . وقال المتحدث باسم الوزارة العميد محمد الخضري ، في تصريح صحافي ، إن “ الخطط والمعدات والقطعات العسكرية جاهزة لانطلاق العمليات وسيتم توزيع المهام بين القوات المسلحة قبيل انطلاقها”. مضيفاً ، أن “التوقيتات لانطلاق العمليات تم تحديدها لكن لا يمكن التصريح بها لسرية العمليات”. هذا فيما كان قائد عمليات تحرير محافظة نينوى، قد أعلن عن استكمال كافة القطعات العسكرية المُعدة للمشاركة بعملية تحرير قضاء تلعفر استعداداتها، لافتاً الى انتظارهم ساعة الصفر لاطلاق العملية.

اضف تعليق