q

علي محمود خضيّر

 

بعد أكثر من أسبوعين على بدء العام الدراسي الجديد لم يستلم لحد الآن أغلب طلبة المدارس الحكومية كتبهم المنهجية. على مقربةٍ من شارعِ المكتبات في البصرة حشدٌ مزدحم من أولياء أمور الطلبة ينتقلون من مكتبة لأخرى لشراء واستنساخ الكتب لأولادهم بأسعار باهظة تتراوح بين (6500-15000 الف دينار) للكتاب الواحد، أحدُ الآباء قال: «عندي خمسة طلاب ويحتاج كل واحد منهم إلى 50 الف دينار على الأقل لشراء الكتب الناقصة أي (250) ألف لتغطية حاجتهم جميعاً عدا الأموال التي صرفتُها على القرطاسية وقبلها على الملابس المدرسيّة ويقولون أن التعليم في العراق مجاني!» كلامه المحبط كرره أكثر من شخص بحزن وكنتُ وقتها أبحثُ معهم عن كتابيّ القراءة والإسلامية لإبنتي التي ينتظرها أمتحان في القراءة غداً رغم أنها بلا كتاب! فالمدرسة وزّعت لنصف الصف كتباً وأبلغت البقية بالشراء من الأسواق!.

يحقُّ للمواطن سؤال السادة في وزارة التربية: ما تعليل خلو مخازن المدارس الحكومية من الكتب وتسريبها الى السوق المحلية وبالطباعات الأصليّة؟!. كيف نفسر تجهيز طلبة المدارس الأهلية بالمناهج بشكل كامل وعجز الحكومية عن ذلك؟ ما معنى بقاء أكثر من نصف الطلبة من دون كتب والنصف الآخر بكتب قديمة وممزقة وتالفة في ظل ميزانية حكومية خصصت أكثر من 112 مليار دينار لتغطية طباعة الكتب وشراء القرطاسية لهذا العام فقط وأين ذهبت هذه الأموال؟.

يزداد الأمر ريبة وخطورة إذا علمنا أن بعض المدارس قدّمت بلاغات رسمية للجهات الأمنية المختصة عن كسر مخازنها وسرقة المناهج التعليمية منها قبل انطلاق العام الدراسي وهذا يشير بوضوح الى وجود جهات مستفيدة من تسريب المناهج إلى الأسواق وعرقلة توزيع الكتب للطلبة بشكل أو بآخر ليضطر المواطن إلى شرائها بأسعار خيالية في ظل وضع ماديّ متردٍ وغياب مريب للرقابة والمتابعة والمحاسبة.

لنا أن نتخيل مدى الضرر الذي سيرافق العملية التدريسية والتربوية في ظل هذا التخبط المخجل والفشل الواضح في ملف المناهج الدراسيّة والمتكرر في كل عام من دون وضع حلول تفيد من تراكم التجربة منذ 2003 ولغاية الآن ذلك التخبط الذي ينعكس سلباً حتى على الكوادر التدريسية المطالبة بأكمال المنهج في وقت محدد وبالتالي تضطر إلى بدء التدريس على الرغم من عدم امتلاك قسم من طلبتها الى المناهج، كل هذا يحدث في ظل تطور هائل تشهده نظم التعليم في المنطقة الاقليمية المجاورة للعراق والتي أدخلت بعضها الأجهزة اللوحية (تابلت) في عملية التدريس حيث يتم تنزيل كل الكتب المنهجية على الجهاز بشكل سلس ويستغنى عن المبالغ الطائلة التي تثقل ميزانية الدولة في طباعة الكتب كل عام كما أنها توفر على الطالب وزن الحقيبة الثقيل والمرهق وتشد انتباهه الى كتاب ملون جذاب يعرض المعلومات بألوان وأشكال عصرية في جهاز يتناسب والتطور التكنولوجي لوقتنا الراهن. ليعلم السادة في وزارة التربية ومن فوقهم أن النصر في ساحة المعركة على أعداء العراق لا يحتاج إلى سلاح حديث وجنود مدربين فحسب بل يحتاج أيضاً إلى أساس متين وجذر قويّ وثابت يبدأ في الصف المدرسي وبالنهضة الحقيقية في مجال التعليم وتطوير نظمها تقنياً. النصر يبدأ من الكتاب يا أهلنا.

اضف تعليق