q

من الأمور المسلَّم بها أن المشاكل النفسية بين الزوجين، تهيّئ الأرضية المناسبة والمقدمات التي تؤدي بالزوجين للطلاق في المحكمة، عندما ينغمس الزوجان في مشاكل الحياة الزوجية، وينسون أهم ركن من أركان علاقتهما وهو الشعور المتبادل بالحب والاحترام، سوف يتجهان الى الضياع شيئا فشيئا، لذلك يشتركان في صنع أسرة تعيسة وأبناء تعساء.

من هنا باستطاعتنا أن نجد السبب الأهم لحدوث الجفاف العاطفي المنتشر في المجتمع، ونقصد به (الطلاق النفسي) الذي يمهّد الظروف المناسبة للطلاق الواقعي أو الفعلي !!لذلك بدأت (شبكة النبأ) بجولة ربما كانت صعبة بعض الشيء، كي تكتشف بعض تفاصيل (ظاهرة الطلاق) حيث أن كثيرا من الناس لا يرغبون بالتكلّم عن هذا الموضوع، أو بالأحرى أتقنوا الاختفاء وراء أقنعتهم المزيفة، المؤلمة، الإجبارية أو ربما من الصعب أن يرفعوا أيديهم عن الجرح كي لا يُنزف أكثر.

لذلك قبل أن تشعروا بالملل أو تُصاب حياتكم بزلزال الروتين اليومي، ابحثوا عن أشياء جميلة.. وجددوا علاقتكم وحبكم كي لا تتحملوا الأذى الذي قد ينتهي بعلاقاتكم الزوجية الى الدمار والخراب!

هل تضحي بسعادتك أم بأولادك؟

كان سؤالنا مباشرا وصريحا، عن هذه الظاهرة حتى نصل الى نتائج مفيدة، وجاء نص السؤال كالتالي: (إذا كان الإنسان غير سعيد مع شريك حياته هل يجب أن يبقى معه من أجل سعادة العائلة ومستقبل الأولاد؟ أم يتركهم من أجل سعادته وما يهواه قلبه؟).

سألنا السيد آدم من العراق ماذا ستختار؟

فأجاب: من الأفضل أن نتكلم بصراحة عن هذا الموضوع، بالفعل عندما تكبر المرأة في السن، تظهر مشكلات كثيرة في العائلة، بسبب إشكالية تحدث بين الزوج وزوجته، نظرا لعدم قدرة الزوجة على إشباع حاجة الزوج، خصوصا عندما يكون أفضل منها من حيث الحالة الصحية، ولعل معظم حالات الطلاق التي تحدث بين الأزواج في سن كبير ومرحلة متأخرة من الزواج، سببها هذه المشكلة الجسدية التي تصيب المرأة المسنّة، المشكلة الأخرى أن الجانب العاطفي للمرأة يتأثر أيضا بكبر السن، فلم تعد تهتم بشكلها أو ملبسها وما شابه، بل حتى كلامها وطريقة تعاملها مع الزوج تكون غير مدروسة بسبب عدم قدرة الزوجة على التعامل العاطفي الجيد مع زوجها، لذلك من الأفضل أن يكون الفارق بين الرجل والمرأة في العمر مناسبا، وأن لا يتزوج الرجل امرأة اكبر منه، فالنتيجة الحتمية أما الانفصال أو أن يتزوج الرجل من امرأة أخرى، وقد تكون هناك حالات نادرة يستمر فيها الزوجان المتساويان بالسن في عائلة واحدة، كذلك اذا تنبّهت المرأة لهذه المشكلة قد تكون قادرة على معالجة جانب منها، مثل الاهتمام بمظهرها والتعامل اللفظي والسلوكي مع زوجها والاهتمام بالعاطفة وما شابه، أما بخصوص هل يفضل الزوج أن يتزوج من أخرى أم يحافظ على العائلة، فأنا شخصيا أفضل البقاء على تماسك العائلة وعدم الزواج، مع البحث عن حلول بالاشتراك مع الزوجة أم الأولاد والاستفادة من العشرة الطويلة لمعالجة هذا الأمر.

الشخص الثاني الذي أجابنا عن السؤال نفسه يسكن في إنجلترا قال: إن الإنسان إذا كان في بداية زواجه أو لم يكن له أولاد يمكنه الانفصال من دون أن يحدث أذى كبير للزوجين، أو يكون الأذى بدرجة أقل مما لو كان بينهما أطفال، وقد يتم الطلاق بالتراضي بي الزوجين، ولكن إذا أنجب الزوجان عددا من الأولاد، ثم بمرور الزمن أصبحت حياة الزوجين جحيما، ففي رأيي أولا يجب مفاتحة الأولاد قبل كل شيء اذا كانت الأبواب مغلقة بين الزوجين ولا يوجد تفاهم بينهما. وثانيا من الأفضل التفاهم بين الطرفين بدون تعصب او إلحاق الأذى بالاثنين، أي يتم ذلك بالتراضي، تماشيا مع النص القرآني: (وسرحوهن بالتي هي أحسن) مع إعطاء المرأة كامل حقوقها وتتم الإجراءات كافة بحسب الشرع والقوانين المعترف بها.

وقالت السيدة حوراء من سوريا:

لو أنني شعرتُ بأني عبء على كاهل زوجي وأتيقن بأن حبل الزواج قد انقطع بيننا ولم يكن باستطاعتنا إعادة المياه الى مجاريها، فإنني حتما سأختار الطلاق حتى وان كنت أعاني من ألف علة ومشكلة لأن الحياة بلا مشاعر ليست سوى جحيم نعيش فيها.. يا ترى كم نبتغي أن نعيش في هذا العالم البائس كي نتحمّل البؤس والوجع الى هذا الحد الكبير؟ بالتأكيد سوف أتشبث بالرابط الزوجي حتى اللحظة الأخيرة، ولكن تكمن الحكمة أحيانا في ترك الأشياء كي لا تداس كرامتنا!.

أسباب الطلاق النفسي

وقد حصلنا على رأي متخصص في هذا المجال وهو الأخصائي (محمد علي) حاصل على شهادة دكتوراه في علم النفس والاجتماع من جامعة ديكارت، فقد قال حول الطلاق النفسي :بعد مدة من الزواج يفيق الطرفان من حالة السبات لكن بدرجات متفاوتة وبقناعة تتدخل فيها أطراف عديدة:

1- الأهل.

2- الخدع الفكرية.

3- إنجاب الأطفال.

4- المادة.

5- الجنس.

6- الدين الزائف.

يبقون على هذا الحال بين المد والجز والمصلحة والقفشات الفكرية والتناقضات، وهكذا الحال الى أن يصابون بالعقم الفكري فينتهي كل شيء.. وعندما ينتهون الى طريق مسدود سنلاحظ أن الذكر يتخذ أحد السبل التالية:

1- الزواج من ثانية عسى ان يلحق نفسه او يرضي رغباته.

2- التسكع بالعلاقات.

3- الصبر لأسباب خاصة كالمادة والجنس لنقص يعانيه.

4- الطلاق.

5- الثرثرة والتسكع والشكوى لكل من هب ودب.

ـما الأنثى فنجدها نُقدِم على ما يلي:

1- علاقة اخرى للهروب من الواقع او البحث عن الذات.

2- الطلاق.

3- الثرثرة الفارغة والصبر.

4- الزعل المستمر.

5- القناعات الوهمية والكذب المستمر.

الطلاق النفسي الأنثوي

وإذا بدأ الطلاق النفسي عن طريق المرأة فإن الأمر سيكون أصعب، خاصة إذا وصلت المرأة الى قناعة بعدم أهلية زوجها للقيام بدور الرجل في حياتها، لأن هذه القناعة تعني بصورة آلية حدوث الطلاق النفسي مستقبلاً، حتى ولو استمرت في زواجها بشكل طبيعي، وإن أنجبت فقد تتراكم الخلافات والتوترات والتنافر بين الزوجين إلى حد الذروة، لكنهما لا يصلان إلى الطلاق المباشر، إذ تمنعهما أسباب عديدة، منها مستقبل الأولاد، وكلام الناس، والخشية من واقع المطلق والمطلقة، فتكون النتيجة حالة من التنافر النفسي، حيث تستمر فيها العلاقة الزوجية أمام الناس فقط، لكنها منقطعة الخيوط بصورة شبه كاملة في الحياة الخاصة للزوجين، فالتنافر النفسي هو وجود حالة من الجفاف العاطفي والانفصال الوجداني بين الزوجين، وابتعاد كل منهما عن الآخر في أغلب أمور حياتهما. ويرتبط مثل هذا الوضع عادة بمرحلة منتصف العمر. وقد يكون الطلاق على خطورته البالغة أسهل من التنافر النفسي (عدم التطابق النفسي) الذي لا يرجى برؤه وكأن الزوجين المطلقين نفسياً جثتان تعيشان مع بعضهما بالجسد فقط، وكأن حياتهما الزوجية ميتة وهي عرفاً على قيد الحياة، علما أن التنافر النفسي صادر عن وعي وإرادة الطرفين في العلاقة الزوجية وبعلمهما الكامل وهو النوع الأول من التنافر.

أما النوع الآخر، فهو أن يكونَ قائماً من أحد الطرفين فقط دون علم أو وعي الآخر، ويحدث ذلك عندما يشعر الطرف الأول بعدم الرضا على استمرار علاقته مع الطرف الثاني لكنه يصبر على هذا الشعور ويكبته خشية الوقوع في براثن الطلاق، وهذا النوع غالباً ما تكون فيه المرأة هي الطرف الواعي لحالة التنافر النفسي دون علم أو إدراك زوجها.

شيوع السخرية بين الزوجين

ويرجع الاختلاف والتنافر النفسي الى شيئين: الأول داخلي ويسمى خوارق اللاشعور اي تنافر الأنفس بدون سبب ظاهر. أما الثاني فهو مقارب للأول لكنه يتذرع بمبررات منها الاختلاف الثقافي الكبير مثلا، أو تباين الأعمار بشكل كبير، وعدم تكيف كل طرف مع رغبات الآخر، والتغيرات الفسيولوجية بسبب انعدام التبويض وانخفاض نسبة هرمون الاستروجين والبرجستيرون في الدم، ويؤدى شعور أحد الطرفين أو كليهما الى عدم التكافؤ مع شريكه سواء في المستوى الاجتماعي أو المادي أو التعليمي أو في الطموح أو في الميول والرغبات والقناعات إلى ابتعاده عنه شيئا فشيئا.

من آثار الطلاق النفسي على الزوجين الانسحاب من فراش الزوجية، وغياب الاحترام واللين والرفق بينهما، وعدم الاشتراك في أنشطة مشتركة، وشيوع السخرية والاستهزاء والإهمال والأنانية واللامبالاة باحتياجات ومتطلبات وآلام كل طرف منهما، وحدوث اللوم المتبادَل والأكل والشرب بشكل منفصل، والهروب المتكرر من المنزل، أو جلوس الزوجين في أماكن منفصلة داخل بيت الزوجية، وتبلّد المشاعر وجمود العواطف، وجرح مشاعر الطرف الآخر بكلمات مؤذية وشيوع الصمت بينهما، وضعف التواصل وغياب لغة الحوار في الحياة الزوجية .

وأخيرا عندما سألنا عن العلاج أجاب الدكتور المتخصص:

لا يوجد أي علاج للطلاق النفسي، لان النفس في حالة تنافر مستمر، لذلك لا يوجد أي علاج سوى الصبر أو الطلاق، وهما خياران أحلاهما مر، بل شديد المرارة أشد من العلقم.

لذلك إنقذوا حياتكم من غول القسوة وجددوا مشاعركم بين الحين والآخر كي لا تصابوا بالملل، وتجنبوا الوصول بمشاعركم الزوجية الى حافة الجمود العاطفي الذي يمهّد بلا شك الى الطلاق الفعلي.

اضف تعليق