q

فيضانات شديدة في هيوستن رابع أكبر المدن الأمريكية بسبب إعصار هارفي الذي أدى لهطول أمطار غزيرة. الخبراء وصفوا الكارثة بأنها الأسوء منذ أكثر من نصف قرن، والأرصاد الجوية تتوقع هطول المزيد من الأمطار، وتستمر الفيضانات الشديدة في ولاية تكساس الأمريكية نتيجة لإعصار "هارفي"، الذي أدى إلى غرق أجزاء كبيرة من مدينة هيوستن، رابع أكبر المدن الأمريكية، ويُتوقع الخبراء حدوث أضرار جسيمة مماثلة لتلك التي تسبب بها إعصار "كاترينا".

إذ يهدد إعصار "هارفي" العنيف ولاية تكساس نظرا للأمطار المتوقع أن ترافقه والتي قد تسبب "فيضانات كارثية"، وأعلنت دائرة الأرصاد الجوية أن الإعصار بدأ باجتياح سواحل تكساس، فيما دعت السلطات السكان لمغادرة منازلهم في مدن عدة من الولاية، في الوقت نفسه حذرت مصلحة الأرصاد الجوية الفدرالية الأميركية من أن تأثيرات الإعصار هارفي، الذي تسبب بفيضانات كارثية في شرق تكساس وهيوستن هي "الاسوأ" مشيرة إلى أن الأحوال الجوية الراهنة تعد "غير مسبوقة".

فقد ضربت مدينة هيوستن في ولاية تكساس الأمريكية عاصفة غير مسبوقة وصفها مسؤولون في الولاية بأنها أكبر عاصفة في تاريخها، وقد وصل معدل هطول الأمطار في المدينة في أعقاب إعصار هارفي إلى نحو 75 سنتمتراً من الأمطار، ما حول شوارعها إلى ما يشبه الأنهار في تدفق المياه فيها.

وقد استُنزفت خدمات الإنقاذ بسبب استمرار هطول الأمطار، ما دفع الكثيرين للاعتماد على أنفسهم من أجل النجاة، وقد أُخليت كافة المستشفيات وانقطع التيار الكهربائي في آلاف البيوت، كما أُغلق العديد من المدارس، والمطاران الرئيسيان في المدينة بعد أن غمرت مياه الأمطار مدرجاتهما، وكان إعصار هارفي صُنّف في الفئة الرابعة على سلم الأعاصير، وخفضت درجته لاحقاً ليصنف كعاصفة استوائية.

هل هنالك ما يشير إلى بدء انحسار الفيضانات؟، لا يبدو أن الفيضانات ستنحسر خاصة مع استمرار العواصف التي تضرب جنوب شرق ولاية تكساس، وارتفاع منسوب مياه الأنهار التي تتسبب بسيل يتوجه إلى هيوستن.

والخطر الأكبر لا يتمثل بالإعصار نفسه بل بكمية المتساقطات الضخمة التي يتوقع أن يتسبب بها والتي تخشى السلطات أن تؤدي إلى فيضانات كارثية. ويتوقع أن يؤدي الإعصار إلى هطول كميات ضخمة من الأمطار قد تصل في بعض المناطق إلى 1,2 مترا، كما يتوقع أن يتسبب بارتفاع مستوى البحر بأكثر من أربعة أمتار في بعض الأماكن، بحسب مراكز الأرصاد الجوية.

وقبيل وصوله إلى السواحل الأمريكية ازداد "هارفي" قوة ليصبح إعصارا من الدرجة الرابعة (على سلم تصاعدي من خمس درجات) ترافقه رياح تبلغ سرعتها 215 كلم/ساعة، طلبت السلطات الأمريكية الجمعة من السكان مغادرة منازلهم في مدن عدة في ولاية تكساس، فيما قالت جمعية الصليب الأحمر الأمريكية إن "هارفي" سيكون الأقوى منذ كاترينا في ولاية نيو أورلينز والذي خلف 1800 قتيل في 2005. وتم نشر 700 من رجال الحرس الوطني في تكساس تحسبا.

وكان الرئيس دونالد ترامب استبق وصول "هارفي" بإعلان حالة الطوارئ الطبيعية وذلك نزولا عند طلب حاكم تكساس، وهي خطوة تتيح للولاية الجنوبية الاستفادة من إمكانيات الحكومة الفدرالية في مواجهة الإعصار. وقال ترامب في تغريدة إنه "بناء على طلب حاكم تكساس فقد وقعت قرار إعلان حالة الطوارئ الطبيعية الذي يطلق العنان للمساعدة الحكومية بكامل قوتها!".

ارتفاع حصيلة الضحايا

تسببت العاصفة القوية هارفي بفيضانات كارثية في هيوستن (27 أغسطس/ آب 2017) وحولت شوارع أكبر مدينة في ولاية تكساس إلى أنهار، ما دفع بالسكان للصعود إلى الطوابق العليا وسطوح المنازل، فيما توفي ثلاثة أشخاص بسبب مرور الإعصار بحسب حصيلة جديدة، وحذر حاكم تكساس غريغ ابوت على شبكة "فوكس نيوز" من أن "الوضع خطير وسيتفاقم" مؤكدا أن الأضرار الناجمة عن الاعصار يمكن ان تصل الى "مليارات الدولارات"، وصدرت عدة تحذيرات من فيضانات مباغتة في المنطقة وشددت مصلحة الأرصاد الجوية على ان "التهديد بفيضانات كارثية غير مسبوقة وقد تودي بحياة اشخاص لا يزال قائما حتى الاسبوع المقبل"، وبلغ منسوب الامطار اكثر من 60 سم في منطقة هيوستن/غالفستون في الساعات ال24 الماضية بحسب مصلحة الارصاد الجوية. وحذر فرعها في هيوستن من ان "الفيضانات الكارثية ستتفاقم ويمكن ان تعتبر تاريخية".

والإعصار الأقوى، الذي يضرب الولايات المتحدة منذ 2005 وولاية تكساس منذ 1961 قبل أن تخف قوته إلى عاصفة استوائية، أصبحت سرعته 2 كلم في الساعة. وضرب الساحل مساء الجمعة حين كان في فئة 4 - على مقياس من خمس درجات- فيما بلغت سرعة الرياح 75 كلم في الساعة. بحسب فرانس برس.

وأعلن خفر السواحل الذين أنقذوا نحو 30 شخصا، إنهم تلقوا أكثر من 300 اتصال استغاثة في منطقة هيوستن حيث تم تجهيز خمس مروحيات من نوع "ام-اتش-65 دولفين". وطلب تعزيزات بالمروحيات من نيو اورلينز ومن الحرس الوطني الجوي، واغلق مطار هوبي، ثاني أكبر مطار في هيوستن، وغمرت المياه مدرجاته. وأكبر مطار "جورج بوش انترناشونال" ألغى عدة رحلات.

ودعت سلطات المدينة التي تعد 2.3 مليون نسمة السكان إلى البقاء في منازلهم فيما تحولت الشوارع الى انهار. والتزم آلاف السكان تعليمات الاجلاء. وبحسب الصليب الأحمر الاميركي فإن أكثر من 1800 شخص لجأوا مساء السبت إلى 35 ملجأ في تكساس ولويزيانا، وأكد الرئيس الاميركي دونالد ترامب الذي وقع اعتبارا من الجمعة إعلان كارثة وطنية، الأحد على تويتر إنه سيتوجه إلى تكساس "ما أن تسمح الظروف بان تتم الزيارة بدون التسبب بعرقلة. الأولوية يجب ان تكون لإنقاذ ارواح وللسلامة". واشاد بفاعلية عمليات الانقاذ.

وقال ترامب إنه يتابع عن كثب جهود الاغاثة من كامب ديفيد في ولاية ماريلاند، إدراكا منه للضرر الذي لحق بولاية الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش لتأخره في الرد بعد الاعصار كاترينا، وأعاد هارفي إلى الأذهان الصدمة التي خلفها إعصار كاترينا، الذي تسبب بكارثة إنسانية في عام 2005 مع مقتل اكثر من 1800 شخص ودمار احياء بكاملها في نيو اورلينز ولويزيانا المجاورة.

فيضانات غير مسبوقة

وتشير التقديرات إلى أن الأمطار التي هطلت في هيوستن خلال أسبوع عادلت ما يهطل فيها من أمطار خلال عام كامل. وقد لقي خمسة أشخاص مصرعهم جراء الإعصار، فيما انتشلت الطائرات المروحية بعض الضحايا من على أسطح المنازل.

وقد أنقذ ما يصل إلى ألفي شخص في محيط وداخل هيوستن، التي تعد رابع أكبر مدينة في الولايات المتحدة، كما تم إجلاء منزل لرعاية المسنين في منطقة ديكينسون، على بعد نحو 50 كم جنوب شرق هيوستن، باستخدام طائرة مروحية، بعد أن انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي صورة لعدد من السيدات المسنات، يجلسن في صالة وقد غمرت المياه أجسامهن حتى منطقة الخصر.

وتقول دائرة الأرصاد الجوية الوطنية الأمريكية إن هذه الظروف "غير مسبوقة". وقد أعلنت حالة "طوارئ الفيضانات" في جميع أنحاء هيوستن، خاصة وأن التنقل في المدينة بات شبه مستحيل، غمرت مياه الفيضان مقاطعات كاملة وأغلقت المحال التجارية والطرقات المؤدية إلى المدينة وحتى مطاراتها، كل هذا يجعل من الوصول اليها والتنقل فيها أمراً مستحيلاً، وأخليت مستشفيات بكاملها، وبدأ مهندسون متخصصون بفتح بوابات المياه في بعض السدود في المدينة لتقليل منسوب المياه في خزاناتها، وحذروا العائلات التي تعيش بجانب أحد السدود لأخذ الاحتياطات اللازمة لمواجهة فيضانات قالوا إنها ستحدث في غضون ساعات، وكان بعض سكان المنطقة انتقدوا الاستعدادات التي اتُخذت لمواجهة هذه العاصفة التي زادت حدتها بسرعة كبيرة في خليج المكسيك.

وغضب سكان حي واحد على الأقل جراء التوجيهات التي أعطيت لهم بالبقاء في منازلهم، لكنهم فوجئوا مع هبوط الليل بالمياه تدخل منازلهم ويرتفع منسوبها بسرعة كبيرة، لدرجة أعاقتهم عن الخروج.

وقال عمدة هيوستن سيلفستر تيرنر للسكان: "لا تخرجوا إلى الطرقات، ولا تفترضوا أن هذه العاصفة قد انتهت"، وقد صدرت تعليمات لعشرات الآلاف من السكان بمغادرة أجزاء من مقاطعة "فورت بيند" الواقعة على بعد 55 كيلومتراً جنوب غرب هيوستن، إذ من المتوقع أن تصلها الفيضانات هذا الأسبوع. لكن السلطات في هيوستن لم تصدر أمراً بإجلاء السكان.

لماذا لم تصدر السلطات أمراً بإجلاء كل السكان؟

دافع العمدة تيرنر عن القرار بعدم تنفيذ خطط إجلاء أكثر من مليوني شخص واصفاً إياها بـ"الجنونية"، واستشهد تيرنر بالفوضى العارمة التي شهدتها هيوستن عندما تم إجلاء السكان من قبل في إعصار ريتا في سبتمبر / أيلول عام 2005. وظل الناس حينها عالقين لأكثر من عشرين ساعة على طريق مكتظ، ما أدى إلى مصرع العشرات، لكن إعصار ريتا، الذي كان من المتوقع أن يصل إلى هيوستن، مرّ إلى الجهة الشرقية من المدينة.

وأشار مراقبون أيضاً إلى الإجلاء الكارثي الذي تم قبل إعصار كاترينا، الذي ضرب مدينة نيو أورليانز في آب / أغسطس من ذلك العام، وقد أمضى آلاف الأشخاص أياماً ضمن ظروف مزرية في ملعب المدينة حيث عانوا أيضاً من شح المياه.

ما هي العواقب الاقتصادية؟

يعد ساحل خليج تكساس المركز الرئيسي لصناعة النفط والغاز في الولايات المتحدة، وقد توقف بعض أكبر مصافي تكرير النفط في البلاد عن العمل، وقد أثار ذلك مخاوف بشأن نقص الوقود وارتفاع الأسعار في محطات المحروقات. ويجري حالياً تقييم حجم الأضرار الاقتصادية التي تسبب بها الإعصار هارفي، على نطاق واسع.

ونقلت وكالة أنباء رويترز عن خبراء في مجال التأمين قولهم إن حجم الدمار الذي خلفه هارفي قد يساوي حجم الدمار الذي خلفه الإعصار كاترينا في عام 2005، والذي يعد أكثر الكوارث الطبيعية كلفةً في تاريخ الولايات المتحدة، وقد وصلت كلفة الأضرار جراء الفيضانات التي تسبب بها الإعصار كاترينا في ولايتي لويزيانا وميسيسيبي، لنحو 15 مليار دولار أمريكي.

المياه الموحلة والطين حاصرتهم في غرفتهم

ظلوا عالقين مع قطتهم وسط الإعصار وقد غمرتهم المياه حتى الخاصرة، بدوا مستسلمين لمصيرهم المحتوم، إلى أن فوجئوا بفرق الإنقاذ تصل إليهم.. والسبب صورة صادمة نشرت آلاف المرات خلال سويعات.

ففي ولاية تكساس الأميركية تم إنقاذ 15 مسناً كانوا عالقين في دار العجزة بالولاية المنكوبة التي يضربها إعصار هارفي، بعد انتشار صورة تظهر 8 منهم على الأقل وقطاً واحداً جالسين في غرفة والمياه الموحلة والطين تغمرهم حتى الخاصرة، ولا أحد هناك لمساعدتهم، حسبما ورد في صحيفة التلغراف البريطانية.

تأتي الصورة الصادمة فيما يجتاح الولاية المذكورة إعصار "هارفي" الذي تسبب بإغراق أنحاء متفرقة من الولاية تحت مياه الفيضانات التي غمرت المنازل والطرق السريعة، وانتشرت الصورة التي أعيد نشرها نحو 2400 مرة على موقع تويتر، مصحوبة بنداءات استغاثة، حيث كان تيموثي مكينتوش زوج ابنة مالكة دار العجزة، هو أول من نشر الصورة.

وقالت زوجته كيمبرلي أنها تحدثت إلى والدتها مالكة الدارة صباح الأحد فأخبرتها: "إنها كارثة نأمل أن يأتي الحرس الوطني لإنقاذنا"، وتسببت الصورة بإثارة سخط عارم على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أهاب مستخدمو الشبكات بسلطات الطوارئ والإغاثة للتدخل وإنقاذ العجزة العالقين. بحسب هاف بوست عربي.

ففي تغريدة لـ Timothy J. Mclntosh، قال: "نحن بحاجة للمساعدة العاجلة لخدمات الإنقاذ والطوارئ، الرجاء إعادة نشر الصورة على أوسع نطاق. 27 أغسطس/آب 2017"، وكان ديفيد بوبوف، المنسق في إدارة خدمات الإنقاذ والطوارئ، قد أكد إتمام فريق الطوارئ لعملية إنقاذ 15 شخصاً من دار La Vita Bella للعجزة، والكائن في بلدة ديكنسون التي تبعد عن هيوستن مسافة 30 ميلاً (48 كم) جنوباً.

وتحدث بوبوف إلى صحيفة Galveston County Daily News الخاصة بالمقاطعة المحلية في ديكنسون وقال "جار رفع أجدادنا وجداتنا بعمليات إنقاذ جوية بالحوامات"، وقد حامت بعض الشكوك أول الأمر في مصداقية الصورة التي نشرها مكينتوش، بيد أنه لاحقاً أكد إنقاذ العجزة المسنين وشكر عاملي الإنقاذ بالقول "نشكر كل من آمن بالصورة وصدقها وأعاد نشرها من أجل لفت انتباه المؤسسات الإخبارية، ما فعلتموه جعل دار La Bella Vita تحتل القائمة الأولى على سلم الأولويات".

وكان إعصار هارفي قد ضرب سواحل الولاية مساء الجمعة 25 أغسطس/آب في أقوى إعصار يضرب الولاية منذ أكثر من 50 عاماً، ما نجم عنه مقتل شخصين على الأقل، ومن المتوقع ارتفاع أعداد قتلى الإعصار والفيضانات مع اشتداد العاصفة وتكوّن موجات من المد معها برفقة الزوابع، حيث من المتوقع أن تشهد مناطق من الولاية هطول كمية أمطار هذا الأسبوع تعادل ما تراه المنطقة في عام كامل

الإعصار العنيف يعزل رابع أكبر مدينة أميركية

أعلن البيت الأبيض الأحد 27 أغسطس/آب 2017 أن الرئيس دونالد ترامب سيتوجه الثلاثاء إلى تكساس التي اجتاحها الإعصار العنيف هارفي وتسبب فيها بفيضانات غير مسبوقة بينما توقعت الهيئة الوطنية للأحوال الجوية هطول المزيد من الأمطار الغزيرة و"الفيضانات الكارثية" في الولاية.

وتحدثت الهيئة عن اضطرابات جوية "غير مسبوقة" و"عواقب غير معروفة حتى الآن تذهب أبعد مما رأيناه ومما شهدناه حتى الآن"، وقالت المتحدثة باسم الرئاسة الأميركية سارة ساندرز إن "الرئيس سيتوجه إلى تكساس". وأضافت "نقوم بتنسيق الأمور اللوجستية مع الولاية والمسؤولين المحليين"، وصرح حاكم تكساس غريغ أبوت لشبكة التلفزيون الأميركية "إم إس إن بي سي" أن ترامب سيرى بنفسه "الدمار الكامل"، مؤكداً أنه "نحتاج إلى وقت طويل لإعادة الإعمار". بحسب هاف بوست عربي.

وكان ترامب أكد قبل ساعات من ذلك أنه لن يذهب إلى تكساس إلا بعد أن يتأكد من أن زيارته لن تتسبب "بتعطيل" عمليات الإنقاذ، بينما أكد أبوت أن الزيارة ستجري في مكان "آمن" خارج نطاق العاصفة، وقال ترامب في سلسلة من التغريدات عبر "تويتر" بشأن الكارثة التي تشكل أول تحد داخلي حقيقي له منذ تسلمه منصبه في كانون الثاني/يناير 2017، إن "التركيز يجب أن ينصبّ على الحياة والسلامة".

المدينة المعزولة

وأسفر الإعصار "هارفي" عن فيضانات كارثية في هيوستن، تسببت بعزل رابع أكبر مدينة أميركية حيث أغلقت مطاراتها وطرقها الرئيسية، فيما صعد السكان إلى الأسطح هرباً من المياه التي غمرت المنطقة.

وأغلق مطارا هيوستن، كبرى مدن ولاية تكساس، أمام حركة الملاحة التجارية فيما جرى إخلاء أحد أضخم مستشفيات المدينة وخرجت محطة تلفزيونية محلية عن الخدمة، وعلق مطار جورج بوش الدولي في هيوستن جميع رحلاته التجارية بعدما غمرت الفيضانات الطرقات المؤدية إليه، ما تسبب بزيادة عزلة كبرى مدن ولاية تكساس.

وكان مطار هوبي الدولي، ثاني مطار في المدينة، علق جميع الرحلات "بسبب المياه في المدارج"، وأعلن القاضي أد إيميت مسؤول المنطقة التي تتبع لها هيوستن، المدينة التي تعد 2,3 مليون نسمة وتعتبر قلب صناعة النفط الأميركية، أن أحد أكبر مستشفيات المدينة يجري إخلاؤه أيضاً بعد توقف إمداده بالكهرباء.

وقال مستشفى "بن توب" الذي يضم بحسب موقعه على الإنترنت نحو 500 سرير أنه يخلي "أولاً المرضى الذين حالتهم حرجة حيث سينقلون إلى مختلف مناطق" المدينة، وحوّل "هارفي" شوارع هيوستن إلى أنهار فيما دعت أجهزة الطوارىء السكان إلى الصعود إلى أسطح المنازل أو المناطق المرتفعة وعدم الاختباء في طوابق منازلهم العليا وذلك لكي تتمكن مروحيات الإنقاذ من العثور عليهم.

وأوضحت خدمة الأرصاد الجوية عبر موقع "تويتر" أن الإعصار "غير مسبوق وكل تأثيراته لم يكن لها مثيل في السابق وتتجاوز كل ما شهدناه حتى الآن"، داعية السكان إلى الامتثال لتعليمات المسؤولين لضمان سلامتهم.

وبدأت هيوستن فتح مراكز لاستقبال الأشخاص الفارين من منازلهم في حين حثهم حاكم المدينة على البقاء في أماكنهم وعدم الاتصال بخدمة الطوارئ إلا في حال واجهوا وضعاً مهدداً لحياتهم، وبلغ منسوب الأمطار أكثر من 60 سم في مدينتي هيوستن وغالفستون خلال 24 ساعة، بحسب خدمة الأرصاد الجوية، ويتوقع أن تسوء الفيضانات في وقت يخيم أقوى إعصار يضرب الأراضي الأميركية منذ عام 2005 على المنطقة.

وتسبب هارفي بتدمير الأسقف وقلب بعض المنازل المتنقلة وترك مئات الآلاف من الأشخاص في الظلام على ساحل تكساس، حيث تقع بعض أهم مصافي النفط في البلاد وعدد من الموانئ الرئيسية، ويعد ساحل تكساس منطقة تنمو بشكل متسارع حيث انتقل حوالي 1,5 مليون شخص للعيش في المنطقة منذ العام 1999.

تأثر قطاع النفط

وأعلنت السلطات الأميركية أن إنتاج حوالي 22 بالمئة من النفط الخام في خليج المكسيك، أي ما يعادل 375 ألف برميل في اليوم، ولكن أبوت أكد أن صناعة النفط مستعدة بشكل جيد لكوارث من هذا النوع.

وقال "تمكنوا من السيطرة على المنشآت ولديهم القدرة على العودة" إلى نفس مستوى الإنتاج المعتاد "بشكل سريع"، متوقعاً "تراجعاً لأسبوع أو أسبوعين"، من جهتها، أعلنت "إكسون موبيل" في بيان أن الفيضانات التي تسبب بها "هارفي" أسفرت عن "مشكلات عملياتية في مجمع باي تاون التابع لـ+إكسون موبيل+ ونقوم بعمليات إغلاق منتظمة وآمنة".

وأكدت المجموعة أن السلامة هي أولويتها القصوى. وقالت "نتخذ كل إجراء احترازي ممكن للتقليل من تأثير (تبعات العاصفة) على موظفينا عبر إغلاق الموقع" الذي يعد بين أكبر مواقع تكرير البتروكيماويات في العالم، وأضافت أن باقي مواقعها "تعمل بشكل طبيعي".

قوارب مطاطية

وانتشرت قوات الحرس الوطني انتشرت ليلاً في هيوستن للمساعدة في عمليات الإنقاذ في المدينة، وأنقذ خفر السواحل حتى الآن 100 شخص على الأقل عبر الجو. وقال أبوت إن نحو 20 مروحية استخدمت في عمليات الإنقاذ، ونشرت قوارب كذلك، بحسب إيميت الذي أشار إلى 1500 عملية إنقاذ أخرى.

وأظهرت صور متلفزة السكان يستخدمون قوارب مطاطية برفقة أطفالهم في الشوارع الغارقة بالمياه، وجرت عمليات إنقاذ أخرى في مناطق ساحلية بينها روكبورت وآرانساس باس وبورت آرانساس وكوربوس كريستي.

وقال المسؤول في الوكالة الفدرالية للحالات الطارئة بروك لونغ "لن ننهض من هذه الكارثة قبل سنوات"، وأسفرت العاصفة عن سقوط ثلاثة قتلى على الأقل، لكن المياه ما زالت تغطي مناطق بأكملها ولا يمكن الوصول إليها، لذلك رأى حاكم تكساس أنه من المبكر جداً إعطاء حصيلة للخسائر البشرية. وقال لشبكة "فوكس نيوز" الأحد إن قيمة الأضرار ستصل إلى "مليارات الدولارات".

من جهته، قال رئيس بلدية هيوستن سيلفستر تيرنر "حتى إذا ساد بعض الهدوء اليوم، لا تتصوروا أن العاصفة انتهت"، حاثاً السكان على البقاء في بيوتهم، على الأسطح إذا أمكن بانتظار وصول المساعدات اللازمة.

ولم تنته العاصفة في رابع أكبر مدينة في الولايات المتحدة والتي تعد عاصمة الصناعة النفطية. فقد أكد المركز الوطني للأعاصير في آخر بيان له أن ما بين 38 و63 سنتم من الأمطار.

قد يعادل أضرار كاترينا

وقال معهد متخصص في أبحاث التأمينات إن تكلفة الأضرار الناجمة عن الإعصار هارفي في ولاية تكساس الأميركية قد تعادل تكلفة أضرار الإعصار كاترينا الذي اجتاح الولايات المتحدة عام 2005 ويصنف بأنه أكثر الكوارث الطبيعية تكلفة في تاريخ البلاد.

ومع هطول أمطار غزيرة على مدينة هيوستون والبلدات المطلة على الساحل في تكساس قال معهد معلومات التأمينات إنه لا يزال من المبكر وضع تقديرات دقيقة لحجم الضرر الذي لحق بالمنازل والشركات، وقالت لوريتا ورترز المتحدثة باسم المعهد "قد تكون خسائر ضخمة مثل كاترينا بسبب حجم المياه التي تأتي.. ليست الرياح ولكن المياه".

كان الإعصار كاترينا تسبب في خسائر في التأمينات ضد السيول بأكثر من 15 مليار دولار بولايتي لويزيانا ومسيسبي، وتحول هارفي من إعصار من الفئة الرابعة إلى عاصفة مدارية بعدما غمر مدينة هيوستون بمياه بلغ ارتفاعها 60 سنتيمتراً. ويتوقع استمرار العاصفة في محيط جنوب شرق تكساس لعدة أيام.

اضف تعليق