q

قد تحدث أخطاء كبيرة تطول صحة الانسان بحجة ضمان (الأمن الغذائي)، وتحسين الصحة البشرية، والقضاء على سوء التغذية، هذه الأخطاء ربما تعود الى حالة الجشع والطمع التي تطبع سلوك بعض الشركات المنتجة للأغذية، فقد أشار باحث في جامعة اكسفورد البريطانية، في بيان الى ان "بحوثا عدة ركزت على الامن الغذائي غير أن قلة ركزت على الاثار الاوسع على صعيد صحة الانتاج الزراعي". ويترجم الاحترار المناخي خصوصا عبر ظواهر مناخية قصوى كالأمطار الغزيرة او الجفاف بما له اثر مدمر على الانتاج الزراعي.

على صعيد مقارب اظهرت دراسات تداعيات مؤثرة قد تنتج عن الاحترار المناخي، وقد يتسبب بوفاة اكثر من 500 الف اضافية سنة 2050 في العالم بحسب دراسة متخصصة، بسبب التغيرات في الانماط الغذائية ووزن السكان مدفوعا بتراجع الانتاج الزراعي، وثمة مشكلة اخرى افرزتها حالة الطكع للمنتجين، فقد ركز هؤلاء على كثرة الانتاج بغض النظر عما تحمله هذه المنتوجات من أضرار تلحق بصحة الناس الذين يتناولونها، فقد حذر علماء من أن عددا من المحاصيل الزراعية تفرز قدرا أكبر من العناصر الكيماوية التي يمكن أن تسبب مشكلات صحية للبشر والماشية الذين يأكلونها وذلك مع محاولتها للتكيف مع الطقس الأكثر تطرفا. ويقول تقرير جديد لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة‬‬ (يونيب) إن محاصيل مثل القمح والذرة تولد قدرا أكبر من العناصر التي يحتمل أن تكون سامة لحماية نفسها من الجو المتطرف.

فضلا عن ذلك هناك تأثيرات المناخ، حيث تترك تداعيات واضحة على كميات الانتاج ونوعه ايضا، فبعد مرور نحو عشر سنوات على ارتفاع أسعار الغذاء العالمية الذي أرسل موجات صدمة في شتى أنحاء العالم، يعاني كبار منتجي الأرز في آسيا من موجة جفاف شديدة تنذر بخفض الإنتاج وتعزيز أسعار السلعة الغذائية الأساسية لنصف سكان العالم. ومما يضاعف من حدوث مخاوف بسبب الأزمة الغذائية، انه من المتوقع أن ينخفض الإنتاج العالمي للأرز هذا العام للمرة الأولى منذ عام 2010 إذ يقلص نقص الأمطار المرتبط بظاهرة النينيو المناخية المحاصيل في الدول المنتجة للأرز في آسيا.

كذلك يؤثر المناخ وخاصة ارتفاع درجات الحرارة على نوع وكميات الحبوب (الأرز)، حيث تجتاح موجة حر الهند أكبر مصدر للأرز بينما تواجه تايلاند ثاني أكبر مورد له موجة جفاف للعام الثاني. ويضرب الجفاف أيضا مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في فيتنام ثالث أكبر مورد للأرز مع نضوب مياه الري المستمدة من نهر الميكونج وتساهم الدول الثلاث بأكثر من 60 بالمئة من تجارة الأرز العالمية.

ومع وجود أطعمة تساعد على تعويض النقص في كميات الحبوب، إلا أن ذلك قد لا يكون كافيا، حيث تقدم طحالب (السبيرولينا) على انها "اغنى غذاء طبيعي بعد حليب الام" وتنتشر هذه "الطحالب الزرقاء" في اطباق الاغنياء وتحاول ان تحل مشاكل سوء التغذية في افريقيا. السبيرولينا موجودة منذ 3,5 مليارات سنة الا ان عالم النبات البلجيكي جان ليونار اعاد اكتشافها في الستينات. فهو استغرب كيف ان قبيلة على بحيرة تشاد كانت تتمتع بوضع صحي افضل من القبائل الاخرى فاكتشف ان افرادها يتناولون السبيرولينا التي تنبت بشكل طبيعي في مياه البحيرة. ويبقى المناخ من اكثر العوامل تأثيرا على انتاج الحبوب من حيث النوع والكمية.

نصف مليون وفاة بسبب ارتفاع الحرارة

فقد اظهرت دراسة حديثة نشرت نتائجها أن الاحترار المناخي قد يسبب اكثر من 500 الف وفاة اضافية سنة 2050 في العالم بسبب التغيرات في الانماط الغذائية ووزن السكان مدفوعا بتراجع الانتاج الزراعي. وبحسب مجلة "ذي لانست" التي نشرت النتائج فإن هذه الدراسة هي الأولى التي تقيم اثر التبدل المناخي على النظام الغذائي ووزن الأشخاص وتقدر عدد الوفيات الناجمة عن ذلك سنة 2050 في 155 بلدا.

وأشار الباحث في جامعة اكسفورد البريطانية ماركو سبرينغمان المشرف على هذه الدراسة، في بيان الى ان "بحوثا عدة ركزت على الامن الغذائي غير أن قلة ركزت على الاثار الاوسع على صعيد صحة الانتاج الزراعي". ويترجم الاحترار المناخي خصوصا عبر ظواهر مناخية قصوى كالأمطار الغزيرة او الجفاف بما له اثر مدمر على الانتاج الزراعي. وأشار الباحثون الى انه في حال عدم اتخاذ اي تدبير لتقليص انبعاثات الغازات المسببة لمفعول الدفيئة فإن التغير المناخي قد يقلص التحسن المرتقب على صعيد كمية الاغذية المتوافرة حتى سنة 2050 "بنسبة تقارب الثلث".

وعلى المستوى الفردي، يترجم هذا الوضع بتراجع بمعدل 3,2 % في كمية الاغذية المتوافرة وبنسبة 4 % في استهلاك الفواكه والخضار وبنسبة 0,7 % في استهلاك اللحوم الحمراء مقارنة مع سنة 2010 وفق الباحثين.وأشار الباحثون الى ان هذه التغييرات قد تكون مسؤولة عن حوالى 529 الف وفاة اضافية سنة 2050.ووفق سيناريو عدم حصول تغير مناخي، من شأن زيادة حجم الاغذية المتوافرة المساعدة على تفادي 1,9 مليون وفاة.

وقال سبرينغمان إن "دراستنا تظهر أنه حتى مع تسجيل تراجع متواضع في كمية الاغذية المتوافرة لكل فرد فإن ذلك قد يؤدي الى تغييرات في محتوى الطاقة وتركيبة الانظمة الغذائية وأن هذه التغييرات سيكون لها اثار مهمة على الصحة" بحسب فرانس برس. وأكثر البلدان تضررا ستكون صاحبة المداخيل الضعيفة او المتوسطة خصوصا في منطقة غرب المحيط الهادئ (264 الف وفاة) وفي جنوب شرق آسيا (164 الف وفاة).كما أن حوالى ثلاثة ارباع الوفيات ستحصل في الصين (248 الفا) وفي الهند (136 الفا).ولفت الباحثون الى ان تقليص تناول الفواكه والخضار من شأنه التسبب بضعف عدد الوفيات مقارنة مع تلك الناجمة عن نقص التغذية.

الطقس قد يزيد من السموم في الغذاء

وفي هذا السياق حذر علماء من أن عددا من المحاصيل الزراعية تفرز قدرا أكبر من العناصر الكيماوية التي يمكن أن تسبب مشكلات صحية للبشر والماشية الذين يأكلونها وذلك مع محاولتها للتكيف مع الطقس الأكثر تطرفا. ويقول تقرير جديد لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة‬‬ (يونيب) إن محاصيل مثل القمح والذرة تولد قدرا أكبر من العناصر التي يحتمل أن تكون سامة لحماية نفسها من الجو المتطرف.‬‬ولكن هذه العناصر الكيماوية ضارة للبشر وللحيوانات إذا تم تناولها لفترة طويلة وذلك حسبما قال تقرير نُشر خلال اجتماع لجمعية الأمم المتحدة بشأن البيئة في نيروبي.

وقالت جاكلين مكجليد كبيرة العلماء ومديرة قسم الإنذار المبكر والتقييم في يونيب إن‬‬"المحاصيل ترد على أوضاع الجفاف وارتفاع درجات الحرارة تماما مثلما يفعل البشر عندما يواجهون وضعا مرهقا."‬‬ وقال التقرير إنه في الظروف العادية على سبيل المثال تحول النباتات النترات التي تمتصها إلى أحماض أمينية وبروتينات مغذية. ولكن الجفاف المطول يبطئ أو يمنع هذا التحول ويؤدي إلى مزيد من تجمع النترات في النبات والتي يُحتمل أن تسبب مشكلات. وقال التقرير إنه إذا أكل الإنسان كمية أكبر من اللازم من النترات في طعامه فإنه يمكن أن يتداخل في قدرة خلايا الدم الحمراء على نقل الأوكسجين في الجسم. وأضاف إن المحاصيل المعرضة لتخزين كمية من النترات كبيرة جدا في أوقات الضغوط الذرة والقمح والشعير وفول الصويا والسرغوم.

وقال التقرير إن بعض المحاصيل التي تُجهد بسبب الجفاف تخزن بدورها سيانيد الهيدروجين والمعروف على نحو أكبر بالحمض البروسي عندما تتعرض لكميات كبيرة من المطر بشكل مفاجئ مما يؤدي إلى نموها السريع بحسب رويترز. وقالت مكجليد إن الحمض البروسي وهو أحد العناصر التي تستخدم في بعض أنواع الحرب الكيماوية يتداخل مع تدفق الاوكسجين عند البشر. وحتى التعرض لفترة قصيرة لهذا الحمض يمكن أن يكون يسبب ضعفا في الإنسان.

في السياق نفسه يجري خلال العام القادم تخزين شحنتين من الحبوب في قبو (يوم القيامة) أو (سفينة نوح مملكة النباتات) الذي أقيم في كهف أسفل جبل ناء في الدائرة القطبية الشمالية لتخزين تقاوي المحاصيل الزراعية العالمية وتأمين الامدادات الغذائية تحسبا لوقوع كارثة.والهدف من هذا القبو الذي افتتح عام 2008 على احدى جزر أرخبيل سفالبارد بالنرويج على مسافة 1300 كيلومتر من القطب الشمالي حماية تقاوي المحاصيل مثل الفول والأرز والقمح تحسبا لأسوأ الكوارث على غرار الحرب النووية أو الأوبئة.

ويحتفظ القبو بأكثر من 860 ألف عينة من جميع دول العالم تقريبا وحتى في حالة انقطاع التيار الكهربي من القبو فتظل العينات محفوظة في درجة حرارة التجمد 200 عام على الأقل. ويقع القبو على ارتفاع 100 متر تقريبا فوق مستوى سطح البحر وعلى عمق 150 مترا داخل جبل جليدي.وقالت سييرا مارتين المتحدثة باسم صندوق المحاصيل وهي منظمة تدير قبو سفالبارد وتتخذ من بون مقرا لها "قبو البذور هو الاحتياطي للاحتياطي".

وقالت إن شحنتين ستصلان العام المقبل لكن التفاصيل لم تتضح بعد وأضافت ان الشحنتين ستصلان "في مارس ومايو".وحتى يتم الاحتفاظ بالحبوب فانه قلما يتم فتح القبو.وقد أدت الحرب الأهلية التي تدور رحاها في سوريا إلي سحب بذور لأول مرة من القبو في سبتمبر أيلول الماضي في اعقاب طلب من المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا) الذي نقل في عام 2012 مقره من حلب الى بيروت بسبب الحرب. وطلب باحثون هذه البذور -ومنها عينات من القمح والشعير والمحاصيل الأخرى الصالحة الزراعة في المناطق القاحلة- لتعويض ما فقد من بنك للجينات قرب مدينة حلب السورية الذي دمر اثناء الحرب بحسب رويترز. وقالت مارتن "اضطر ايكاردا الى نقل المجموعات الموجودة في سوريا الى المغرب ولبنان فيما ساعد القبو في استعادة هذه المجموعات".ومعظم التقاوي في القبو ذات خواص مقاومة للجفاف التي يمكنها إنتاج محاصيل تصمد أمام ظروف تغير المناخ في المناطق الجافة من استراليا وحتى افريقيا.

البيرو اكبر منتج للكينوا في العالم

من جهتها انتجت البيرو سنة 2015 حوالى 105621 طنا من الكينوا لتصبح بالتالي أول منتج عالمي لهذه الحبوب التي تشجع الأمم المتحدة على تناولها لمكافحة سوء التغذية، بحسب ما كشفت وزارة الزراعة. وصرح كريستيان غاري المدير العام المعني بتتبع سياسات وزارة الزراعة في البيرو وتقييمها خلال مؤتمر صحافي "تخطينا بوليفيا التي كانت تعد أكبر مزود للكينوا في العالم بفضل صادراتنا للكينوا العضوية العالية الجودة" بحسب فرانس برس. وهذه هي المرة الثانية التي تحتل فيها البيرو صدارة البلدان المنتجة لهذا النوع من الحبوب بعد إنتاج بلغ 114725 طنا ومبيعات بقيمة 196 مليون دولار سنة 2014.وكانت بوليفيا لسنوات عدة أكبر منتج ومصدر لهذه الحبوب التي تزرع من أيام حضارة الإنكا، مع حصة بلغت 70 % في السوق العالمية.

لاجئ سوري يرعى زهور الحمص في لبنان

في صوبة بلاستيكية رطبة في سهل البقاع اللبناني يرعى عالم سوري أوراق نباتات الحمص والعدس والقمح التي قد تسهم في يوم من الأيام في سد احتياجات الشعب السوري بعد الحرب.ويشارك فوزي سعيد في فريق يحاول تأمين مستقبل الزراعة في سوريا وفي العالم بإعادة تكوين تشكيلة من البذور المخزنة في مدينة حلب السورية المعرضة لخطر التدمير في الحرب التي تدخل هذه الأيام عامها السادس.فقد تسببت الاشتباكات في قطع الطريق المؤدي إلى مركز البحوث الواقع على بعد 30 كيلومترا من حلب وبسبب تكرر انقطاع الكهرباء لم يعد بوسع العلماء ضمان سلامة 150 ألف بذرة محفوظة بالتجميد تضم التاريخ الجيني ومستقبل المحاصيل الغذائية في العالم.

وقال سعيد الباحث المساعد بالفرع اللبناني للمركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (ايكاردا) "يوجد كنز في حلب. لا يوجد في العالم شيء مثله من حيث التنوع والبذور وما يتم هناك من عمل."فالاحتفاظ بنسخ من الأنواع البرية والمستنبطة من المحاصيل الأساسية مثل القمح والشعير والفول أمر له أهميته بالنسبة للأمن الغذائي العالمي.ويستخدم العلماء خواصها المختلفة في استنباط أنواع جديدة مقاومة للأمراض والحشرات أو ظروف الجفاف.وكانت البيئة الجافة في حلب مثالية للبحوث في كيفية تغذية أعداد السكان المتنامية في المناطق القاحلة.

وقال حسن مشلب مدير المركز في لبنان إن أنواع القمح التي تم استنباطها في المركز الدولي في سوريا ذات الموارد المائية الفقيرة ساعدت في تحقيق الاكتفاء الذاتي في القمح في منتصف التسعينات بحسب رويترز. وقد تمكن فريق المركز في لبنان من إنقاذ بعض البذور الفريدة من حلب واستعارة حوالي 14 ألف بذرة حتى الآن من مؤسسات بحثية في مختلف أنحاء العالم والاستفادة من مخزون الطوارئ في قبو تحت الأرض بجزر سفالبارد النرويجية قرب القطب الشمالي يضم نحو 8000 نوع من البذور.

وكانت تلك أول عملية سحب لكمية من البذور من قبو سفالبارد الذي يهدف لحماية بذور المحاصيل من أي أزمات نووية ومن الكوارث الطبيعية والحروب.وقال مشلب "قررنا قبل فترة أننا الآن في وضع طارئ. في الأشهر القليلة الماضية وبسبب تصاعد القتال حول حلب لم نتمكن من الوصول إلى المركز لمعرفة حالة البذور."وأرغمت الحرب السورية -التي سقط فيها ما لا يقل عن 250 ألف قتيل ونزح حوالي 11 مليونا عن ديارهم- المركز على نقل مقره الرئيسي في عام 2012 من حلب إلى سهل البقاع الخصب في لبنان على بعد سبعة كيلومترات من الحدود السورية.

والآن أصبح سهل البقاع يستضيف الكثير من اللاجئين السوريين الذين يعيشون بين حقول الأعشاب والخضر بعد أن كان في يوم من الأيام قاعدة للجنود السوريين خلال الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت 15 عاما وانتهت عام 1990.وانتقل فوزي سعيد من حلب حيث كان يعمل بالمركز منذ أيامه الأولى. ويأمل سعيد بخلاف إعادة تكوين تشكيلة البذور الموجودة في حلب أن يواصل أبحاث المركز لتحسين الإنتاجية الزراعية في المناطق الجافة. وما إن تنبت البراعم الخضراء بذورها يتم تخزين النسخ المطابقة من الناحية البيولوجية في بنك جديد للجينات يقوم المركز ببنائه في لبنان لتكوين تشكيلة من البذور مماثلة لتشكيلة حلب.ثم تعاد البذور الأصلية بعد إكثارها إلى القبو الخاص بها في النرويج وغيره من المؤسسات المانحة. وقال مشلب إن إعادة زراعة 150 ألفا من البذور وتخزينها وتصنيفها سيستغرق وقتا لكن الفريق يأمل استئناف عمله داخل سوريا في يوم من الأيام.وقال سعيد "إن شاء الله تتحسن الأحوال (في حلب) ونتمكن من أخذ بذورنا والعودة لإجراء أبحاثنا العلمية التي ستفيد العالم كله."

مخاوف الأمن الغذائي تظهر من جديد

وبعد مرور نحو عشر سنوات على ارتفاع أسعار الغذاء العالمية الذي أرسل موجات صدمة في شتى أنحاء العالم، يعاني كبار منتجي الأرز في آسيا من موجة جفاف شديدة تنذر بخفض الإنتاج وتعزيز أسعار السلعة الغذائية الأساسية لنصف سكان العالم.، فمن المتوقع أن ينخفض الإنتاج العالمي للأرز هذا العام للمرة الأولى منذ عام 2010 إذ يقلص نقص الأمطار المرتبط بظاهرة النينيو المناخية المحاصيل في الدول المنتجة للأرز في آسيا.

وتجتاح موجة حر الهند أكبر مصدر للأرز بينما تواجه تايلاند ثاني أكبر مورد له موجة جفاف للعام الثاني. ويضرب الجفاف أيضا مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في فيتنام ثالث أكبر مورد للأرز مع نضوب مياه الري المستمدة من نهر الميكونج. وتساهم الدول الثلاث بأكثر من 60 بالمئة من تجارة الأرز العالمية الذي يقارب حجمها 43 مليون طن. وقال جيمس فيل الخبير الاقتصادي بمجلس الحبوب العالمي "حتى الآن لم نشهد تأثيرا كبيرا على الأسعار نتيجة الطقس الحار والجاف نظرا لما كان لدينا من مخزونات فائضة كبيرة في الهند وتايلاند. لكن ذلك لا يمكن أن يستمر للأبد."

وتشير حسابات رويترز استنادا إلى بيانات وزارة الزراعة الأمريكية إلى أن من المتوقع أن تنخفض مخزونات الأرز في أكبر ثلاث دول مصدرة له بنحو الثلث في نهاية 2016 لتصل إلى 19 مليون طن وهو أكبر انخفاض سنوي منذ 2003.وإذ حدث أي تعطل كبير للإمدادات فإن الوضع قد يكون حساسا للغاية. ففي عام 2008 حظرت الهند الصادرات بعدما انخفض إنتاج الأرز الآسيوي بسبب ظاهرة النينيو وهو ما دفع الأسعار العالمية للصعود بقوة وأثار أعمال شغب بسبب الغذاء في هايتي فيما سارع عدد من كبار المستوردين مثل الفلبين لاتخاذ إجراءات لمواجهة ذلك.

وصعدت أسعار الأرز التايلاندي القياسي إلى مستويات قياسية قاربت ألف دولار للطن في 2008. وعادة ما تعزز مثل هذه الارتفاعات في الأسعار الطلب على حبوب أخرى مثل القمح الذي يستخدم على نطاق واسع في صناعة المكرونة في آسيا إلى جانب فول الصويا والذرة اللذين يستخدمان في صناعة الأغذية والأعلاف.وفي حين أن سعر الأرز حاليا يقل كثيرا عن مستوياته المرتفعة التي بلغها في 2008 إلا أن سعره بلغ في وقت سابق من هذا الشهر 389.50 دولار للطن وهو أعلى مستوى له منذ يوليو تموز بزيادة 13 بالمئة عن أدنى مستوى له في ثماني سنوات البالغ 344 دولارا الذي سجله في سبتمبر أيلول.

ويشعر بروس تولينتينو من المعهد الدولي لأبحاث الأرز ومقره الفلبين بالقلق من هشاشة الوضع في آسيا.ويقول تولينتينو "الأسعار بصفة عامة لا تزال مستقرة في الوقت الحالي. لكنها ترتفع وما قد يخرج الأمور عن نطاق السيطرة هو حدوث كارثة كبرى في واحدة من كبار الدول المنتجة" بحسب رويترز. ويتوقع التجار زيادات جديدة في الأسعار بحلول يونيو حزيران إذ ليس من المتوقع أن تنتج الهند محصولا كبيرا قبل سبتمبر أيلول المقبل ولن تنتج تايلاند محصولها الرئيسي قبل نهاية العام.ويتوقع مجلس الحبوب العالمي وصول المحصول العالمي في 2016 إلى 473 مليون طن انخفاضا من 479 مليونا في 2015 بما يمثل أول انخفاض في ست سنوات. ومن المتوقع أن تسجل اندونيسيا قفزة في مشتريات 2016 تربو على 60 بالمئة لتصل إلى مليوني طن مقارنة مع مستواها قبل سنوات قليلة. وتشتري الصين أكبر مستورد في العالم نحو خمسة ملايين طن سنويا ومن المتوقع أن تستمر على هذه الوتيرة. ويتوقع مجلس الحبوب العالمي أن يقل إنتاج الصين في 2016 عن حجم الاستهلاك للعام الثالث على التوالي.

هل تعالج السبيرولينا سوء التغذية في افريقيا؟

من ناحيه اخرى تقدم السبيرولينا على انها "اغنى غذاء طبيعي بعد حليب الام" وتنتشر هذه "الطحالب الزرقاء" في اطباق الاغنياء وتحاول ان تحل مشاكل سوء التغذية في افريقيا.السبيرولينا موجودة منذ 3,5 مليارات سنة الا ان عالم النبات البلجيكي جان ليونار اعاد اكتشافها في الستينات. فهو استغرب كيف ان قبيلة على بحيرة تشاد كانت تتمتع بوضع صحي افضل من القبائل الاخرى فاكتشف ان افرادها يتناولون السبيرولينا التي تنبت بشكل طبيعي في مياه البحيرة، على ما قالت ايميلي روسيلو الناطق باسم الاوساط التي تعنى بهذه النبتة في فرنسا.

ومنذ العام 1974 اعتبرتها الامم المتحدة "غذاء المستقبل" اذ ان السبيرولينا مركز بروتينات (65 %) وحديد وبيتا-كاروتين وفيتامينات ("بي 12" و"بي" و"اي" و"كاي"). ويقول الطبيب جان دوبير احد المروجين لها "انه غذاء استثنائي" الا ان منافعه الصحية عير مثبتة علميا.وهو غذاء مطلوب جدا لدى النباتيين والرياضيين في الدول الغربية ويأتي على شكل حبوب او على شكل مسحوق مجفف يرش على السلطات او في العصائر. ويوصى بتناول ملعقة صغيرة منه يوميا فيما تكلف الكمية الشهرية الضرورية حوالى 15 يورو في الدول الغربية.

وتوضح نيكول واوليفييهشارمون في دفيئة اقاماها في جنوب فرنسا حيث ينتجان هذا "الذهب الاخضر" في احواض "هو ليس بدواء او بمنتج سحري. انه غذاء منشط بسبب ما يحويه من البروتينات وهو مضاد للاكسدة ومنظف ومضاد للالتهابات".وتنبت السبيرولينا بشكل طبيعي في البحيرات المالحة قليلا في الدول الاستوائية، لذا يسهل اقامة محيطها الطبيعي في احواض شرط ان تتوافر كميات كافية من الحرارة والنور.

وتعتبر الصين وكاليفورنيا اكبر منتجين للسبيرولينا في العالم. وتنتج فيهما السبيرولينا على نطاق صناعي مع تجفيف على حرارة مرتفعة يمكن ان تؤثر على خصائص "الطحالب الزرقاء".وينتج سنويا خمسة الاف طن منها. وتستمر بحيرات تشاد الطبيعية بتوفير 400 طن سنويا. وفي اوروبا، طورت فرنسا منذ عشر سنوات انتاجا ريفيا مع نحو مئة منتج ينتجون كميات قليلة ويبيعون في مناطق معينة بحسب فرانس برس. وهو نموذج فريد بدأ يشق طريقه في اسبانيا او ايطاليا ويهم الدول النامية التي تعتبر هذا النبات سلاحا لمكافحة سوء التغذية المزمن. فالمنظمة غير الحكومية السويسرية الصغيرة "انتيناتكنولوجيز" تعتمد على المهارات الفرنسية في هذا المجال لاقامة مزارع في كمبوديا ولاوس وتوغو ومالي.وتوضح ديان دو جوفانسيل التي تدير المنظمة في فرنسا "لقد انشأنا حوالى عشرين مزرعة" وقد قامت مزارع اخرى بعد ذلك في بعض الدول مثل مدغشقر.وتشدد على ان "الفكرة لا تقوم على المساعدة المتواصلة، نحن نساعد على انشاء المزرعة التي تعمل بحرية. وهم يبيعون ثلثي السبيرولينا المنتجة، اما بقية الانتاج فيستخدم في المساعدات الانسانية".

إلا ان عائقين يعترضان تطوير الانتاج على نطاق واسع اذ ان في القارة الافريقية راهنا حوالى خمسين مزرعة فقط.ويتمثل العائق الاول في قبول السبيرولينا في الاطباق اذ ان هذه البكتيريا باللون الاخضر القاتم المقرمشة تحت الاسنان لا تعجب الجميع بسبب رائحتها خصوصا.كذلك تفتقر السبيرولينا الى دعم من المنظمات الكبيرة مثل يونيسف التي تفضل عليها خصوصا "بلامينات" وهو معجون طاقة جاهز للاستخدام يستند الى الفول السوداني تنتجه المجموعة الفرنسية "نوتريس".

تضرر الزراعة الذكية بسبب نقص المياه

وفي معظم الأيام تتجاهل هيتاسوا وجبتي الإفطار والغذاء فهي مشغولة للغاية بمحاولة إيجاد ما يكفي من المال لشراء الطعام لوجبة العشاء وحتى هذا يشكل لها تحديا في جنوب مدغشقر الذي يعاني من أسوأ موجة جفاف في 35 عاما قضت على محصول الذرة.وتقول المرأة البالغة من العمر 56 عاما "لم تسقط الأمطار على الإطلاق. لن نحصد أي شيء. الأمر أسوأ هذا العام." ومثل نساء أخريات في المنطقة تحول هيتاسوا الخشب إلى فحم وتحمله فوق رأسها لتبيعه في السوق كل يوم.وتقول "شعري يتساقط من حمل كل هذا الفحم.. لم يعد هناك حتى ما يكفي من الأشجار."وتسبب الجفاف للعام الثالث على التوالي في عجز 1.1 مليون من سكان مدغشقر عن إطعام أنفسهم بما في ذلك 665 ألفا يواجهون مجاعة شديدة.وأدت أسوأ ظاهرة إل نينيو يشهدها العالم في سنوات إلى تفاقم الأزمة إذ حملت معها موسم جفاف جديدا عبر جنوب أفريقيا ومصاعب جديدة في مدغشقر وهي بلد يبدو أحيانا أنه لا يخلو من كوارث مثل الأعاصير والفيضانات وأسراب الجراد والاضطرابات السياسية.

ويقول خبراء في مجال الإغاثة والتنمية إن تغير المناخ بالإضافة إلى التدهور البيئي (اختفاء أكثر من 80 في المئة من غابات مدغشقر الفريدة نصفها منذ أواخر الخمسينيات) لا يسهم سوى في زيادة مصاعب الحياة على الناس في الجنوب.وللتعامل مع المجاعة التي زادها الجفاف سوءا يقوم برنامج الأغذية العالمي وغيره من منظمات الإغاثة الدولية مثل خدمات الإغاثة الكاثوليكية بتوزيع حصص من الطعام بحسب رويترز.

لكن هذه المنظمات تحاول أيضا تطوير قدر أكبر من المرونة في التعامل مع الأزمة. ويتضمن هذا توفير بذور مطورة لإنتاج محاصيل في ظروف مناخية قاسية وتعليم أساليب جديدة للزراعة والصيد لمساعدة سكان السواحل على استغلال المحيط.وتشترى الوكالات أيضا طعام الإغاثة من مصادر محلية لمساعدة الأسواق المحلية. وتهدف كل هذه التغييرات إلى مساعدات المجتمعات المحلية التي تضررت بسبب الجفاف على إنتاج الطعام أو تحقيق الدخل.وقالت فيكتوريانراوبسواريمانيتراندراسانا مديرة المكتب الميداني لمنظمة الأغذية والزراعة في أمبوفومبي "توزيع الطعام هو أمر جيد في حالات الطوارئ لكنه قد يعطي الانطباع الخاطئ. لا نريد من الناس أن ينتظروا المساعدة بل أن يطوروا قدراتهم الخاصة."وتابعت قولها "في الأراضي شبه القاحلة تحصل على 600 مليمتر فقط من الأمطار سنويا. لذا فمن الأفضل استغلال الزراعة الذكية مناخيا لزراعة محاصيل أخرى تتطلب مياها أقل."

ومنحت أسرة هيتاسوا حبوب الذرة والبطاطس الحلوة لزراعتها في إطار مشروع وكالة الأدفنتست للتنمية والإغاثة لمساعدة نحو عشرة آلاف أسرة على التعامل مع الجفاف.وتعني ندرة الأمطار أن النتائج لم تكن جيدة بما يكفى لكن هيتسوا قالت بينما كانت تقطف سيقان الذرة "لم لو يكن هناك هذا المشروع لكنا متنا."

اضف تعليق