q

منذ صباح يوم الأحد.. يترقب الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، نتيجة الاستفتاء التاريخي الذي سيقرر مصير أكبر تغيير في نظام الحكم التركي منذ تأسيس الجمهورية التركية الحديثة قبل نحو قرن، ويمنحه صلاحيات واسعة تمكنه من السيطرة على القرار بشكل أكبر من ذي قبل.

يهدف الاستفتاء إلى تحويل النظام في تركيا من برلماني إلى رئاسي يحكم قبضته أردوغان الذي بدأ بتغييرات جذرية منذ الانقلاب الفاشل في تموز/ يوليو من العام الماضي.

حتى وقت كتابة هذه التقرير، وصلت نسبة الموافقة 51.4% بعد فرز 99% من الأصوات، وفقاً لبي بي سي.

ويتوقع مراقبون أن ينال الرئيس التركي في حال حسم الأتراك التصويت بـ "نعم" سلطات كاسحة وأن يبقى في منصبه حتى عام 2029 إذا ما تمت الموافقة على التعديلات.

تقدم طفيف

وتشير استطلاعات الرأي إلى أن السباق متقارب بين المؤيدين والرافضين مع تقدم طفيف لأنصار الموافقة على التعديلات. لكن الاستفتاء قد يسفر عن مفاجآت، بحسب مراقبين.

وتوقع الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة جيزيجي تأييد 51.3 في المئة للتعديلات الدستورية في مقابل رفض 48.7 في المئة بعد توزيع أصوات الناخبين الذين لم يحسموا أمرهم بعد.

لكن استطلاعاً أجري عبر مقابلات مباشرة مع نحو 1400 شخص في عشرة أقاليم في يومي الثامن والتاسع من الشهر الجاري أظهر نسبة التأييد بنحو 53.3 في المئة.

وفي وقت سابق، انتهى تصويت الأتراك المقيمين بالخارج، وقال إردوغان إنهم أقبلوا على التصويت بأعداد كبيرة في مؤشر تقول مؤسسات الاستطلاع إنه قد يفيده.

وقسمت الحملة الانتخابية الدولة التي يقطنها 80 مليون نسمة وامتدت الانقسامات إلى الجاليات التركية الكبيرة التي تعيش في أوروبا.

نازيون يمنعون المؤتمرات الانتخابية!

واتهم إردوغان قادة أوروبيين بالتصرف مثل النازيين لمنعهم مؤتمرات انتخابية على أراضيهم متعللين بأسباب أمنية فيما قال معارضوه في الخارج إنهم تعرضوا للتجسس على شؤونهم.

ويرى مؤيدو إردوغان المتحمسون أن مسعاه للحصول على صلاحيات أوسع هو مكافأة مستحقة لزعيم أعاد القيم الإسلامية إلى قلب الحياة العامة وساند الطبقة العاملة المتدينة وأنشأ مطارات ومستشفيات ومدارس، على حد تعبيرهم.

لكن معارضون يخشون من ميل إلى الاستبداد تحت حكم رئيس يرونه أدمن السلطة ولا يتسامح مع المعارضة ومن انسحاب تدريجي من المبادئ العلمانية التي أرساها مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك ومن إبعاد بلادهم أكثر عن القيم الغربية بشأن الديمقراطية وحرية التعبير.

ماذا بعد التصويت؟

وفي حال صوت الناخبون بـ "نعم" في الاستفتاء فإن الرئيس سيكتسب صلاحيات واسعة بعد إلغاء منصب رئيس الوزراء، حيث سيكون بإمكانه تشكيل الوزرات وتنظيم عملها وفقا لمراسيم رئاسية وبدون طلب موافقة البرلمان.

كما سيحصل الرئيس على صلاحية إعداد مشروع الميزانية، وهي مهمة يتولاها البرلمان في الوقت الحالي.

وسيصبح بإمكان الرئيس إعلان حالة الطوارئ بدون الرجوع إلى الحكومة للحصول على موافقتها.

وسيكون أيضاً بإمكان الرئيس الاحتفاظ بعضويته في حزب سياسي، بينما هو في الوضع الحالي "فوق الأحزاب".

ولن يتمكن الرئيس من إصدار مراسيم رئاسية تتعلق بحقوق الإنسان والحريات الأساسية، وإذا تضارب مرسوم رئاسي مع القوانين السائدة التي تنظم تلك الحقوق سيكون على المحاكم البت فيه.

أردوغان.. صانع مجد أم راكب موجة؟!

واختار الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، اللعب على العامل العاطفي لدى الأتراك خلال إدلائه بصوته في الاستفتاء على التعديلات الدستورية الرامية لتغيير نظام الحكم من برلماني إلى رئاسي.

وبعد أن أدلى بصوته في الشطر الآسيوي من مدينة إسطنبول، قال أردوغان، أمام عدسات الصحفيين، "إنني على قناعة بأن شعبنا سيختار فتح الطريق أمام تنمية أسرع، وقفزة حقيقية إلى الأمام".

وتابع "علينا القيام بخيار غير اعتيادي لنرتقي إلى مستوى الحضارة المعاصرة التي أرادها مصطفى كمال" أتاتورك مؤسسة الجمهورية التركية"، الذي يعد بالنسبة للأتراك صانع مجد تركيا الحديثة.

واعتلى إردوغان الرئاسة في 2014 وهو منصب شرفي إلى حد كبير وقتها بعد أن ظل رئيسا للوزراء لأكثر من عقد من الزمن وبقي منذ ذلك الحين مهيمنا على السياسة بقوة شخصيته ولم يخف طموحه في امتلاك صلاحيات أوسع.

وركب موجة من الوطنية منذ محاولة انقلاب فاشلة في يوليو تموز مصورا بلاده في صورة المعرضة للخطر من خليط من قوى خارجية وبحاجة لقيادة قوية للدفاع عنها في وجه تهديدات من الدولة الإسلامية والمسلحين الأكراد وأعداء بالداخل سعوا للإطاحة به وداعميهم الأجانب.

ترحيب صاخب

وركز إردوغان في المؤتمرات الانتخابية التي أقيمت مؤخرا على محاولة التهكم على زعيم الحزب العلماني الرئيسي في البلاد وهو كمال قليجدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري وعرض لقطات مصورة لأخطائه على أمل أن تعكس اتجاهات التصويت نفس ما شهدته الانتخابات العامة الأخيرة التي أجريت في نوفمبر تشرين الثاني 2015 عندما هيمن حزب العدالة والتنمية على الخريطة الانتخابية.

ومثل تلك الأساليب الشعبوية لاقت ترحيبا صاخبا ممن يؤيدونه. لكنه قضى وقتا أقل في شرح تفاصيل التعديلات الدستورية المقترحة.

أردوغان كان رجلاً صالحاً

وتباينت الآراء بين مؤيد ومعارض لهذا الاستفتاء، لكن النتائج النهائية هي من سيقطع نزاع الطرفين.

ويقول جنقيز توبجو (57 عاما) الذي يعمل صياد سمك في مدينة ريزه المطلة على ساحل البحر الأسود وهي مسقط رأس أجداد إردوغان وأحد معاقل أنصاره "أنا وطني." لكنه سيصوت برفض التعديلات الدستورية.

ويقول أيضاً: "في الماضي كان إردوغان رجلا صالحا. لكنه تغير للأسوأ. وأنا أريد الديمقراطية لا حكم الرجل الواحد."

غير أن سيدة الأعمال ديلسات جولسيفيم ارينك قالت إن إردوغان يتصرف كالسلطان وأعربت عن أملها أن يسهم تصويتها برفض التعديلات الدستورية المقترحة في تلقينه "درسا مفيدا".

اضف تعليق